قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الساحل السوري.. كيف ساهم التعاون الروسي في ضبط الأمن

سوريا
سوريا

شهدت سوريا تدهوراً أمنياً غير مسبوق، وصف بأنَّه أحد أسوأ موجات العنف التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، حيث نفّذت فلول النظام الموالية للرئيس السابق بشار الأسد هجمات منسّقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الحالية.

ما دفع إدارة الأمن العام وإدارة الجيش السوري إلى تنفيذ عمليات أمنية موسعة لملاحقة فلول النظام. وشاركت في هذه العمليات إلى جانب القوات الرسمية فصائل عسكرية محلية، وتنظيمات إسلامية أجنبية منضوية شكلياً تحت مظلة وزارة الدفاع، بالإضافة إلى مجموعات محلية من المدنيين المسلحين الذين قدموا الدعم للقوات الحكومية دون أن تكون لهم تبعية رسمية لأي تشكيل عسكري محدد.

وأدى ذلك إلى أن العمليات الأمنية لم تقتصر على ملاحقة المتورطين فحسب، بل سرعان ما تطورت إلى انتهاكات جسيمة، تميّز معظمها بطابع انتقامي وطائفي. وكان للفصائل المحلية والتنظيمات الإسلامية الأجنبية التابعة شكلياً لوزارة الدفاع الدور الأبرز في ارتكابها.

حصيلة ثقيلة

ووفقاً لتقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغت حصيلة القتلى نتيجة أعمال العنف في منطقة الساحل السوري منذ السادس من مارس 1225 شخصاً، بينهم نساء وأطفال. وأوضح التقرير أن هذه الأحداث شملت إعدامات ميدانية وعمليات قتل جماعي ممنهجة بدوافع انتقامية وطائفية، بالإضافة إلى استهداف أفراد الطواقم الطبية والإعلامية والعاملين في المجال الإنساني.

وفي إطار سعيها لاحتواء الوضع الراهن، أعلنت الحكومة السورية، برئاسة أحمد الشرع، عن تشكيل لجنة تحقيق تهدف إلى "الكشف عن الأسباب والملابسات التي أدت إلى وقوع تلك الأحداث، والتحقيق في الانتهاكات الواقعة على المدنيين وتحديد المسؤولين عنها". يأتي هذا الإعلان في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، حيث يُبرز استمرار العنف الطائفي والمناطقي التهديدات التي تواجه استقرار المنطقة ويعمق معاناة المدنيين العزل.

وأدت هذه الأحداث إلى نزوح آلاف العائلات من الطائفة العلوية إلى قاعدة حميم الجوية الروسية الواقعة على الساحل السوري، حيث طلب النازحون من الحكومة الروسية توفير الحماية الدولية للساحل، ورفضوا الخروج من القاعدة والعودة إلى منازلهم، خشية تعرضهم لانتهاكات. ومنذ ذلك الحين، تسعى روسيا للتواصل مع حكومة الشرع في دمشق من أجل وقف الانتهاكات، مما دفع موسكو وواشنطن إلى الدعوة لعقد اجتماع مغلق في مجلس الأمن الدولي لبحث تصاعد العنف في سوريا.

روسيا على خط الأحداث 

أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، عن قلق بلاده البالغ إزاء أحداث العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري، وأوضح بيسكوف أن أعمال العنف في سوريا تثير أيضا قلق المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والعديد من البلدان، وذكر بيسكوف أن مشاورات بشأن الوضع في سوريا ينبغي أن تجرى في مجلس الأمن الدولي في أقرب وقت ممكن.

يعرب خيربك

ومن جانبه، يرى الإعلامي والمحلل السياسي السوري يعرب خيربك، أن الرئيس السوري أحمد الشرع قد فقد السيطرة على بعض الميليشيات التابعة للجيش السوري الجديد، خاصةً أن هذه الميليشيات كانت سابقًا تتسم بالتطرف والتشدد. 

وأضاف خيربك في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن تعقيدات المشهد الأمني تفرض اختبارًا مبكرًا على الحكومة في مساعيها لضبط الأوضاع الأمنية ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات.

وشدد يعرب خيربك على الأهمية الكبيرة للدور الروسي في المنطقة، لا سيما مع وجود القواعد العسكرية الروسية على الساحل السوري، التي ساهمت في تقليص أعداد القتلى من المدنيين، وأشار إلى أن الشرع يمكنه الاستعانة بالشرطة العسكرية الروسية التي لعبت دوراً مهماً في تعزيز الاستقرار والأمن في عدة مناطق سورية شهدت أعمال عنف واضطرابات، قبل سقوط نظام الأسد.

واكد الإعلامي والمحلل السياسي على ضرورة تعاون الحكومة السورية مع القوات الروسية، بهدف تحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة النازحين ومحاسبة المتورطين في أعمال العنف، كما دعا إلى تقليل الاحتقان الطائفي واحتواء الأزمات، مما سيسهم في تعزيز الاستقرار في سوريا. خصوصًا أن العلاقات الروسية – السورية قد اكتسبت زخماً في الفترة الأخيرة، حيث أبدت روسيا استعدادها لدعم الإدارة السورية الجديدة في أكثر من مناسبة منذ استلام الأخيرة لمقاليد الحكم.

اتفاق الدمج

وفي ظل هذه الأحداث شهدت العاصمة السورية دمشق توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، اتفاقا يقضي "بدمج" كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، وفق ما أعلنت عنه الرئاسة. 

ونص الاتفاق كذلك على "دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها"، وأكد الاتفاق أن "المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية" التي "تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية"، في موازاة "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري".

ويُعتبر هذا الأمر ضروريًا من أجل وحدة سوريا والشعب السوري. ومع ذلك، قد تواجه حكومة أحمد الشرع تحديات أكبر، خاصة أن العديد من قوات سوريا الديمقراطية ترفض الانضمام إلى الجيش السوري، مما قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات بين الميليشيات.

وفي هذا السياق يعتقد يعرب خيربك أن هذا الاتفاق لن يحقق النجاح المرجو منه، خاصة بعد أن أفاد مسؤول في وزارة الدفاع التركية بأن العمليات العسكرية لتركيا ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا "مستمرة". وهذا سيؤدي إلى تصادم بين الحكومة السورية وتركيا، وقد اتهمت أنقرة، حليفة السلطة الجديدة في دمشق، وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة وواشنطن ودول أخرى كمنظمة "إرهابية".

ولفت خيربك إلى أن حكومة دمشق بحاجة لضمان توازنات قوى في البلاد، ومنع تركيا من تمرير أجنداتها على الأراضي السورية بما لا يتوافق مع رؤية الشعب السوري في ضرورة الحفاظ على سوريا موحدة وخالية من الاقتتال، وهو أمر قد تستطيع روسيا ضمانه، كونها استطاعت في السابق عقد اتفاقيات مع الجانب التركي وتشكيل مناطق فض اشتباك.