أكَّد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الصبر يُعدُّ من أعظم الفضائل التي قامت عليها الدعوات السماوية كافة، مشيرًا إلى أن جميع أنبياء الله -عليهم السلام- لم يحققوا أهداف رسالاتهم إلا بتسلحهم بهذه الفضيلة العظيمة.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "اسأل المفتي" الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق عبر فضائية "صدى البلد".
وأوضح فضيلة المفتي أنَّ القرآن الكريم يُعلي من شأن الصبر، حيث يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، مشيرًا إلى أنَّ هذه الآية تؤكِّد معيةَ الله للصابرين؛ مما يدلُّ على عظيم منزلتهم.
كما استشهد فضيلته، بسورة العصر التي تُبرز أهمية الصبر كعنصر أساسي في صلاح الفرد والمجتمع، حيث قال تعالى: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
وأشار "عيَّاد"، إلى أن الصبر يُربي الإنسان على التحمل والرضا بالمقدور، ولهذا يُطلق على شهر رمضان "شهر الصبر"، حيث يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وأوضح أن الصيام يُنمِّي الصبر في النفس الإنسانية ويعزز قدرة الإنسان على التحمل والتقوى.
وأضاف فضيلة المفتي أن الابتلاءات لا يُعالجها إلا الصبر، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله العبد ابتلاه، فإن صبر اصطفاه، وإن رضيَ اجتباه"، مشيرًا إلى أن هذا الحديث يُظهر عِظَمَ الأجر الذي أعدَّه الله للصابرين.
كما تطرَّق فضيلته إلى قصة نبي الله أيوب -عليه السلام- الذي ضرب أروع الأمثلة في الصبر على البلاء، حتى إنَّ الله كافأه بقوله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}.
وأوضح أنَّ "الفاء" في هذه الآية تفيد الفورية، أي إن الله استجاب لدعائه مباشرة بعد صبره الطويل.
وبيَّن فضيلة المفتي أن الصبر ليس قاصرًا على تحمل الابتلاءات فقط، بل يشمل الصبر على الطاعة حتى يؤديها الإنسان، والصبر عن المعاصي حتى يتجنبها، والصبر على أقدار الله المؤلمة دون سخط أو اعتراض.
وأشار إلى أن القرآن الكريم يوجِّه المؤمنين إلى الصبر مع المصابرة، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا}.
ونوه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصبر ضياء"، مبينًا أن الضياء أقوى من النور؛ وذلك لما يحتاج إليه الإنسان من صبر في الطاعة، وفي مواجهة المعصية، وفي مجابهة ابتلاءات الحياة.