تعتبر مهنة "المسحراتي" من أبرز التقاليد الشعبية التي تميز شهر رمضان في مصر، حيث يتولى المسحراتي مهمة إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر، استعداداً لبدء الصيام.
مهنة المسحراتي ليست مجرد مهمة عادية، بل تمثل جزءا من الثقافة المصرية المتجذرة في الروح الرمضانية، والتي تستحضر أجواء من الحنين والترابط المجتمعي.
من هو المسحراتي؟
ففي دراسة مهمة للعالم الفرنسي جيوم أندريه فيوتو، أشار فيها إلى أن المسحراتي هو الشخص الذي يعلن عن موعد السحور في شهر رمضان، وهو الوقت الذي يجب فيه على المسلمين تناول آخر وجبة قبل الصيام وتسمي هذه الوجبة "السحور" ويجب أن تتم في الوقت المحدد.
إعلان موعد السحور
ويعمل المسحراتي علي إيقاظ الناس من خلال التجول في شوارع الأحياء، معلناً موعد السحور أمام منازل المسلمين.
ويصطحب المسحراتي في جولته طبلة صغيرة يعزف عليها وصوت عصاه الصغيرة التي يضرب بها على الطبلة، بينما يرافقه صبي يحمل فانوسين مضيئين، ويحرص المسحراتي على إيقاظ الناس في الوقت المحدد، إذ يتجول حتى قبل ساعة ونصف من الإمساك.
تقاليد المسحراتي في القاهرة
قديما يُعرف المسحراتي في مصر بأنه يتخصص في حي معين، حيث لا يحق له التجول في شوارع أحياء أخرى إلا إذا دفع مال إلى الشخص المكلف بحراسة الحي.
ولايقتصر دور المسحراتي على الإيقاظ فقط، بل يتلو الأدعية الدينية، ويبدأ في إنشاد الأشعار والحكايات التي تتخلل جولته، فتلك الأشعار تتنوع ما بين الدعاء والتهنئة بالخير لأهل المنزل، مستعيناً في ذلك بطبلته الصغيرة التي يُنقر عليها لخلق إيقاع خاص يرافق صوته.
يقدم وليام لين مشهداً فى كتابه عن مصر ، حيث يذكر أن النساء في العديد من منازل الطبقة المتوسطة في القاهرة، في أثناء رمضان، يضعن قطعة معدنية صغيرة أو مبلغاً من المال في ورقة، ثم يلقين بها من نوافذ منازلهن نحو المسحراتي، وعند سقوط المال، يقوم المسحراتي بتلاوة سورة الفاتحة أو يروي قصة طريفة لتسلية النساء.
و تظل مهنة المسحراتي رمز عريق من رموز رمضان في مصر، وتمثل أكثر من مجرد وظيفة يومية، فهي صورة حية للتقاليد المصرية الأصيلة التي تمزج بين الدين والاحتفالات الشعبية.