قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

غياب التمويل الأمريكي يعصف بالخدمات الصحية والإنسانية بالسودان.. قراءة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تواجه المناطق التي تعاني من الحروب والصراعات تحديات صحية وإنسانية بالغة الدقة كما هو الحال في السودان، ويتطلب تلبية الاحتياجات الأساسية في البلد العربي تنسيقا بين المؤسسات المحلية والدولية خاصة النشطة في تقديم الحماية والمساعدات والمناصرة للمتضررين.

وتزداد التحديات عندما تتعارض الاعتبارات السياسية والإدارية مع ضرورة تأمين المساعدات، ما يفرض على الجهات المعنية تكثيف جهودها لضمان استمرارية الخدمات الصحية.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، تضرر 335 مرفقا صحيا في السودان جراء قرار الإدارة الأمريكية تعليق التمويل المقدم للمؤسسات الإنسانية العاملة بالبلاد، "يعود القرار إلى تجميد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لثلاثة أشهر"، ما أثر كثيرا على الجهود الإنسانية في بلد يعاني أساسا من أزمة جوعٍ واسعة النطاق بسبب صراعٍ اندلع قبل عامين.

والوكالة الأمريكية للتنمية، هي وكالة حكومية مستقلة، شكلت إحدى أدوات التأثير الناعمة للولايات المتحدة حول العالم، إذ تبعت في عملها توجيهات وزارة الخارجية، وأدت دورا فاعلا في خدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأتها قبل 64 عاما على يد الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي.

وقف المساعدات الأمريكية 

ومع توليه السلطة في يناير الماضي، استهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوكالة، فأخضعها لإشراف مباشر من قبل وزارة الخارجية، وقرر تجميد مساعداتها الخارجية مؤقتا، في إطار إعادة تقييم عملها، واتهمها بإهدار المال وإدارة مشاريع لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وقد تتعارض مع القيم الأميركية، وقال إنها "تعمل على زعزعة استقرار السلام العالمي".

وأدى قرار تجميد الولايات المتحدة مساعداتها الإنسانية إلى إغلاق نحو 80% من مطابخ الإغاثة الجماعية التي أنشئت لمساعدة مَن شردتهم الحرب الأهلية في السودان، وفق تقارير إخبارية متعددة.

وقال متطوعون، إن القرار التنفيذي الذي اتخذه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف المساعدات التي تقدّمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لمدة 90 يوماً، أسفر عن إغلاق 1,100 من المطابخ الجماعية في السودان، فيما تشير التقديرات إلى أن القرار أثّر بالفعل على حوالي مليوني إنسان في السودان يكافحون أصلا من أجل البقاء على قيد الحياة.

فيما قال رئيس الفريق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة أم درمان، جاويد عبد المنعم، في تصريحات لفرانس بريس، إن “تأثير قرار وقف التمويل بهذه الطريقة الفورية له عواقب مميتة”، مؤكدا أن "هذه كارثة إضافية للسودانيين الذين يعانون أصلا تداعيات العنف والجوع وانهيار النظام الصحي واستجابة إنسانية دولية مزرية".

وتفيد "أطباء بلا حدود"، بأنها تلقت طلبات من الجهات المعنية المحلية للتدخل السريع، لكنها لا تستطيع ملء الفراغ الذي تركه سحب التمويل الأمريكي.

وبحسب منظمة الصحة العالمية - فإن “تجميد التمويل الأمريكي أثر على 335 مرفقا صحيًا في السودان، بما في ذلك 57 مرفقا في دارفور”، فيما أشارت إلى أن هذا التجميد أثر على 13 شريكا في مجال الصحة، يعملون في 69 منطقة ضمن 15 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان، بينهم 9 شركاء في دارفور، مما أثّر على 21% من المرافق الصحية في الإقليم.

أمّا عدد مرافق الرعاية الصحية في السودان قبل اندلاع النزاع، فقد قدر بنحو 6,500 منشأة و300 مستشفى عام، خرج ما بين 70 إلى 80% منها عن الخدمة في المناطق التي تشهد نزاعًا نشطا، فيما توقّف 45% في بقية المناطق.

وتسبب إيقاف التمويل الأمريكي في خلل كبير في قدرة قطاع الصحة داخل العديد من المناطق السودانية على الاستجابة، لا سيما وكالات الأمم المتحدة مثل: منظمة الصحة العالمية، ويونيسيف، ومنظمة الهجرة الدولية، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

فيما تواجه دارفور عبئا كبيرا في التصدي للتحديات الصحية، نظرا لتزايد أعداد النازحين وتأثر المجتمعات المحلية، إذ تواجه المرافق الصحية ضغوطا شديدة ونقصا حادا في الإمدادات والمعدات والكوادر.

وتفرض قوات الدعم السريع، التي تسيطر على معظم أرجاء دارفور، قيودا على تحركات المنظمات الإنسانية، وتتدخل في عملها، فضلا عن توجيهها للتركيز على سكان المدن ومجتمعات الرحل في تقديم المعونات.

وبحسب محللين ومهتمين بالشأن السوداني - فإن الولايات المتحدة ودول الغرب يتخذون سياسة "المعونات الإنسانية" كورقة ضغط سياسي لتحقيق أجنداتهم ومصالح دولهم، بدلا من تقديم نفسهم كشريك اقتصادي استراتيجي قادر على مد يد العون للشعوب التي تعاني الكثير بسبب ويلات الحرب الأهلية والانقسامات السياسية والوضع الأمني المتدهور.

ويؤكد المحللون، أن تقديم المعونة ذاتها، فضلا عن الشراكة، ينعكس سلبا على المجتمعات المتلقية، إذ تقع الحكومات التي تعتمد على هذه المساعدات في وهم "منطقة الراحة"، فتكتفي بالاتكال على المعونة دون بذل الجهد الكافي لبناء قدراتها الذاتية.

كما يشير المحللون إلى  أنّ الحكومات "الواعية" ينبغي أن تبحث عن شركاء اقتصاديين موثوقين، بما يضمن قدرتها على مواجهة أي أزمة جديدة، بحيث تتمكن الدولة من الاتكاء على إمكاناتها الخاصّة لتلبية احتياجات شعبها.