قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ريهام العادلي تكتب: طقوس رمضان في صعيد مصر

ريهام العادلي
ريهام العادلي

يعد شهر رمضان المبارك مناسبة استثنائية في صعيد مصر، حيث تمتزج العادات والتقاليد العريقة بروحانية الشهر الكريم، في مشهد يجسد التلاحم الاجتماعي والدفء الأسري.

يتميز الصعيد بأجوائه الخاصة خلال هذا الشهر، حيث تنبض الشوارع بالحياة، وتتعالى أصوات الأذكار والتواشيح، ويعم الخير بين الناس.

قبل حلول الشهر الكريم، تبدأ الأسر في صعيد مصر بالتحضير له بشكل خاص. تشهد الأسواق ازدحامًا ملحوظًا حيث يحرص الجميع على شراء التمور والمكسرات والياميش، بالإضافة إلى المكونات الأساسية لإعداد الأطعمة التقليدية. 

كما يقوم الأهالي بتنظيف المنازل وتزيين الشوارع بالفوانيس والزينة الرمضانية، في مشهد يعكس بهجة استقبال الشهر الفضيل.

واحدة من العادات الأصيلة في الصعيد هي إقامة الإفطار الجماعي للصائمين، سواء في المساجد أو في الدوار الخاص بكل عائلة، كما يحرص الكثيرون على إرسال الطعام إلى الجيران والأقارب، تأكيدًا على قيم التراحم والتآزر الاجتماعي.

يتميز رمضان في الصعيد بأجواء روحانية مميزة، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح، ويحرص الكثيرون على ختم القرآن الكريم خلال الشهر. كما تتجلى روح التضامن في إخراج الزكاة وإطعام الفقراء، وهو ما يعزز الروح الإيمانية بين الناس.

إحدى العادات الجميلة التي لا تزال قائمة هي حلقات الذكر والتواشيح التي تقام في المساجد، حيث يجتمع كبار السن والشباب لسماع القصائد الدينية وإنشاد المدائح النبوية. كذلك، يخرج الأطفال في الشوارع حاملين الفوانيس ويرددون الأناشيد الرمضانية، في مشهد يعكس البهجة والفرحة.

وجبة السحور في الصعيد لا تقل أهمية عن الإفطار، حيث تتجمع الأسر في الساعات الأخيرة من الليل ، ومن العادات المتوارثة وجود “المسحراتي” خاصة في القري، الذي يطوف الشوارع بطبلته مرددًا العبارات التي تحث الناس على الاستيقاظ للسحور .

لا تزال بعض القرى في الصعيد تحتفظ بتقليد إطلاق مدفع الإمساك، سواء الحقيقي أو الرمزي، وهو من الطقوس التي تضفي أجواءً مميزة على الشهر الكريم، خاصة لدى الأطفال الذين يترقبون صوته يوميًا.

ليالي رمضان في الصعيد عامرة بالأنشطة الاجتماعية، حيث يتجمع الأهل والجيران بعد صلاة التراويح في المجالس العائلية المعروفة باسم “جلسات السمر”، حيث يتبادلون الأحاديث ويتسامرون حتى وقت السحور.

كما يحرص الشباب على المشاركة في الألعاب الشعبية مثل “التحطيب” و”السيجة”، وهي ألعاب تراثية تعكس أصالة المجتمع الصعيدي. فيما يفضل البعض متابعة المسلسلات الرمضانية أو حضور الندوات الدينية التي تُعقد في المساجد الكبرى.

مع اقتراب نهاية الشهر الكريم، يحرص الكثيرون على الاعتكاف في العشر الأواخر، ومسابقات حفظ القرآن الكريم التي عادة ما تكون التي يتم خلالها توزيع مبالغ مالية وهدايا عينية تساهم بشكل غير مباشر في دعم المحتاجين.

رمضان في صعيد مصر ليس مجرد شهر للصيام، بل هو مناسبة لتعزيز قيم المحبة والكرم والتكافل الاجتماعي. من لحظة رؤية الهلال حتى إعلان العيد، يعيش أهل الصعيد تجربة روحانية واجتماعية غنية بالموروثات العريقة التي تجعل لهذا الشهر طابعًا خاصًا لا يتكرر في أي وقت آخر من العام .