تشهد المناطق الساحلية المنخفضة في حوض جنوب البحر المتوسط، ولا سيما مدينة الإسكندرية، ارتفاعًا ملحوظًا في مستوى سطح البحر نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة.
هذا الارتفاع يمثل تهديدًا حقيقيًا، حيث يؤدي إلى تآكل السواحل بشكل يهدد باختفاء مدن بأكملها أو أجزاء منها، بحسب دراسة حديثة أثارت الجدل مؤخرا.. فما القصة؟
عقارات اسكندرية في خطر
أجريت دراسة علمية نتاج تعاون بين باحثين من عدة دول منها ألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وتونس ومصر، ونُشرت في فبراير الماضي في مجلة «Earth’s Future» المتخصصة بالدراسات المناخية.
وفقًا للدراسة، شهدت مدينة الإسكندرية أكثر من 280 حالة انهيار لمباني على طول شواطئها خلال عشرين عامًا، ما أثار قلق علماء البيئة والمناخ لدراسة هذه الظاهرة بما يتيح توقع مستقبل المدينة العريقة.
النتائج التي توصلت لها الدراسة تشير إلى زيادة كبيرة في انهيار المباني في المدينة نتيجة التآكل الشديد في الساحل المطل على البحر المتوسط، والذي يرتبط بارتفاع مستوى المياه وزيادة تسربها إلى طبقات المياه الجوفية. هذه الظروف تؤدي إلى عدم استقرار الأرض وتسريع التآكل في أساسات المباني، ما يزيد من خطر انهيارها.
وقد عُرفت منطقة ساحلية شديدة الضعف في الإسكندرية، حيث يوجد أكثر من 7000 مبنى معرضان لخطر الانهيار. معدلات انهيار المباني ارتفعت خلال العقدين الماضيين، من عقار واحد في السنة إلى أكثر من 40 عقار، وهو ما يفوق أي منطقة أخرى معرضة للخطر في حوض البحر المتوسط.
تأثير العواصف على البنية التحتية
أرفقت الدراسة خريطة توضح بالألوان المناطق المهددة بالتآكل في الإسكندرية، خاصة في حي وسط وحي غرب التاريخيين. وللحد من هذه المخاطر، اقترحت الدراسة استراتيجيات تكيف طبيعية ومنخفضة التكلفة تتناسب مع الإسكندرية ومدن البحر الأبيض المتوسط الأخرى، مثل ليبيا وتونس، والتي تواجه تحديات مناخية مماثلة مع عدم الاستقرار الهيكلي للبنية التحتية.
تعرضت الإسكندرية للعديد من العواصف التي أدت إلى ارتفاع المياه لأكثر من 1.2 متر فوق مستوى سطح البحر، ما تسبب في حدوث فيضانات ساحلية شديدة وأضرار في المباني المطلة على الواجهة البحرية.
هذه الفيضانات زادت من تسرب المياه إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، على بعد بضعة كيلومترات من الداخل، ما أدى إلى ارتفاع مستويات الرطوبة في التربة التي تقام عليها المباني السكنية.
في ظل هذه المعطيات، يجد الخبراء، أن الإسكندرية في حاجة ماسة لاتخاذ تدابير سريعة وفعالة لمواجهة التغيرات المناخية والتآكل الساحلي. فالاستثمار في البنية التحتية المستدامة وتبني استراتيجيات التكيف والتخفيف هي خطوات أساسية لحماية هذه المدينة العريقة وضمان مستقبل آمن لسكانها.