أكدت الداعية الإسلامية الدكتورة هبة النجار، أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر من يحافظ عليهما بالجنة، استنادًا إلى حديثه الشريف: "من صلى البردين دخل الجنة"، حيث أن "البردين" هما صلاة الفجر وصلاة العصر.
وأوضحت الداعية الإسلامية، في تصرح لها، أن صلاة الفجر والعصر تمثل تحديًا للمسلم في أوقات قد تكون مليئة بالانشغالات الدنيوية، فصلاة الفجر تأتي في وقت النوم والراحة، وصلاة العصر تأتي في وقت انشغال الناس بأمور الحياة، لكن الحفاظ عليهما يظهر صدق الإيمان ويعكس تعلق المسلم بالله.
وأضافت: "إن من يصلي هاتين الصلاتين في وقتها، هو شخص حافظ على صلاته بشكل عام، وهو في رحمة الله. كما أن هاتين الصلاتين هما سبب لمغفرة الذنوب، وتكرار شهادة الملائكة للمصلين عليهما".
وقالت: "كما ورد في حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم، أن الملائكة تتعاقب على عباد الله، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فيلتقيان في صلاتي الفجر والعصر، ويشهدون لمن يصليهما. ثم يعرج الملائكة الذين شهدوا عباده في الأرض ويسألون الله عنهم، فيقولون: 'تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون'".
فضل المشي إلى صلاة الجماعة
يكتب الله له أجر صيام سنة، وقيامها، وذلك لمَن يغتسل، ويمشي إلى الصلاة، ويستمع إلى الإمام يوم الجُمعة؛ ويؤدي صلاة الجمعة لقول النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ غَسَّل يومَ الجمُعةِ واغتَسَل، ثم بكَّر وابتَكَر، ومَشى ولم يركَبْ، ودنا من الإمامِ، فاستَمَع ولم يَلغُ، كان له بكلِّ خُطوَةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها»، ورأى بعض العلماء أنّ الذي يركب وهو معذور له أجر الذي يمشي إلى الصلاة.
يستظلّ بظلّ عرش الرحمن يوم القيامة، قال --صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وذكرَ منهم: «ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ»، ويرفع الله له الدرجات، ويحطّ عنه السيّئات، ويغفر الله له ذنوبه إن أسبغَ الوضوء، وهي من الأسباب التي تُحقّق السعادة للعبد في الدنيا والآخرة، قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخاطباً أصحابه: «أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ».
يُستحَبّ لمَن يُريد الذهاب إلى صلاة الجماعة أن يمشي إليها بسكينة ووقار دون إسراع، كما يرى جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا أقيمَتِ الصَّلاةُ ، فلا تَأتوها وأنتُمْ تَسعونَ، ولَكِن ائتوها وأنتُمْ تمشونَ، وعليكُمُ السَّكينةَ فما أدرَكْتُمْ فصلُّوا، وما فاتَكُم فأتمُّوا» في حين يرى المالكية جواز الإسراع إلى الصلاة؛ لإدراك صلاة الجماعة ولكن دون هرولة، وإن خاف فوات صلاة الجماعة، فقد وجب عليه السَّعي لإدراكها.
وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود (561) و"الظُّلَم: جمع ظلمة، وهي تعم ظلمة العشاء والفجر، وفي الحديث: فضل المشي إلى الصلاة سواء كان المشي طويلاً أو قصيراً، وفضل المشي إليها للجماعات في ظلم الليل..
وهذا الفضل ثابت ـ إن شاء الله ـ لمن صلى العشاء والفجر مع الجماعة، ولو كانت الطرق مضاءة، لأن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل، فهذه الأحاديث وغيرها فيها حث للمسلم على أن يجتهد في إتيان المسجد ماشياً لا راكباً ولو كانت داره بعيدة، ما لم تكن مشقة أو عذر ككبر ونحوه، وألا يعوَّد نفسه ركوب السيارة، إذا كان المسجد تصله القدم بلا مشقة.
فوائد المشي إلى المسجد
ومع هذه الفضائل العظيمة في المشي إلى المسجد من محو الخطايا ورفع الدرجات والأجر العظيم والنور التام يوم القيامة ؛ فإن هناك فوائد أخرى عظيمة تعود على البدن:
إن المشي إلى المسجد هو رياضة بحد ذاته، وفوائده لا تحصى؛ وله دور كبير في تقوية الجسم وتنشيطه بإذن الله تعالى؛ ليكون أهلاً لمقاومة الأمراض والآفات.
كما أن المشي علاج لأمراض القلب حيث إنه يعطي القلب ـ بإذن الله ـ القدرة على العمل وتحمل الجهود، حيث تكون الدورة الدموية أكثر انتظاماً، كما أن المشي إلى المسجد علاج للتعب الذهني والتفكير الطويل؛ إذ إنه يعيد العقل إلى حالته الطبيعية، ويساعد على الاسترخاء العصبي والعضلي .
إن السعي إلى بيوت الله كل يوم في أوقات معلومة متقطعة يكفي لتمرين العضلات وتنشيط الأوصال وتحسين حالة الجسم، كما أن المشي إلى المساجد يساهم في الوقاية من الأمراض التي يسببها الخمول وكثرة الجلوس وعلى رأسها السمن ؛ لأن المشي يعمل على إذابة الشحوم والدهون.
فضل صلاة الجماعة
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «مَن سَرَّه أن يَلْقى الله غدًا مُسلِمًا، فلْيُحافظ على هؤلاء الصَّلواتِ حيثُ يُنادَى بهن؛ فإنَّ الله تعالى شرع لنبيِّكم سننَ الهدى، وإنَّهن من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صليتم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته - «يعني المتخلف عن الجماعة»- ، لترَكْتم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضَللتم، وما من رجل يتطهَّر فيُحسِن الطُّهور، ثم يَعْمَدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلاَّ كتب الله له بكلِّ خطوةٍ يَخْطوها حسَنة، ويرفعه بها درَجة، وَيَحُطُّ عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها - «يعني عن الصلاة في المسجد» - إلاَّ منافق معلومٌ النِّفاق، ولقد كان الرَّجل يُؤتَى به يُهاَدى بين الرجلين -«يعني يُمسكه رَجُلان من جانبَيْه يعتمد عليهما» - حتَّى يُقام في الصَّف».
وروي عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن توضَّأ فأسبغَ الوضوء، ثُم مشى إلى صلاةٍ مكتوبة، فصلاَّها مع الإمام، غُفِر له ذنبُه»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن غَدَا إلى المَسجدِ أو راح أعَدّ الله له في الجنة نُزُلًا كلما غدا أو راح».
وجاءت أحاديثُ في فضيلة الجَماعة لصلاة الصُّبح والعشاء خاصَّة: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن صلَّى العشاء في جماعةٍ، فكأنَّما قام نصف الليل، ومن صلَّى الصُّبح في جماعةٍ، فكأنَّما صلَّى الليل كلَّه»، وفي رواية أبي داود: «ومن صلَّى العشاء والفجر في جماعةٍ كان كقيام الليل».
فضل صلاة الجماعة وأهميتها
إن أداء المسلم الصلوات جماعةً في المسجد له ثواب وعظيم، ويَجْتمع لمن حضرَ الجماعة عدَّةُ فضائل وعبادات تبلغ نحو 27 سنة، وهي:
-إجابة المُؤذِّن بنِيَّة الصلاة في جماعة
- وأيضًا يحصل المسلم على ثواب التَّبْكير إليها في أوَّل وقْتِها، والمشي إلى المسجد بالسَّكينة، فيُرْفَع له درجة ودخول المسجد داعيًا
- وصلاة التَّحية عند دخوله المسجد، وانتظار الجَماعة
- صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له، شهادتهم له
-وإجابة الإقامة، والسَّلامة من الشيطان حين يفِرُّ عند الإقامة.
-والوقوف منتظرًا إحرام الإمام، أو الدُّخول معه في أيِّ هيئة وجَدَه عليها.
- وإدراك تكبيرة الإحرام، وتسوية الصفوف وسَدُّ الفُرَج، وجواب الإمام عند قوله: "سمع الله لمن حَمِدَه".
- والأمن من السَّهو غالبًا، وتنبيهه إذا سها بالتسبيح والفَتْح عليه.
- وحصول الخُشوع والسَّلامة عما يلهي غالبًا، وتحسين الهيئة غالبًا.
- واحتفاف الملائكة به، والتدرُّب على تجويد القرآن وتعلُّم الأركان، وإظهار شعائر الإسلام.
- وإرغام الشيطان بالاجتماع على العبادة، والتعاون على الطاعة ونشاط المتكاسل.
- والسَّلامة من صِفَة النِّفاق، ومن إساءة غَيْره الظنَّ به بأنَّه ترك الصَّلاة رأسًا.
- ورَدُّ السلام على الإمام، والانتِفاع باجتماعهم على الدُّعاء والذِّكْر.
- وقيام نظام الأُلْفة بين الجيران وحصول تَعاهدهم في أوقات الصَّلوات، الإنصات عند قراءة الإمام، التَّأمين عند تأمينه؛ لِيُوافق تأمين الملائكة.
-التأمين مع الملائكة يغفر جميع الذنوب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه». وقال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: آمين.
بم تدرك صلاة الجماعة؟
اختلف الفقهاء فيمن أدرك الإمام في التشهد الأخير قبل أن يسلِّم؛ هل تُحتَسَب له الجماعة أم لا على قولين،القول الأول: تحتسب له جماعة ويحوز فضلها؛ وهو قول أبي حنيفة، والمشهور من مذهب الشافعي، ونص عليه الحنابلة.
والقول الثاني: ذهب مالك إلى أنه لا يكون مدركًا إلا بإدراك ركعة كاملة، مشيرة إلى أنه على قول الجمهور من أدرك الإمام قبل أن يسلم تحتسب له جماعة، لكن فاته أجر التبكير بحضور تكبيرة الإحرام.
حكم صلاة الجماعة
أفاد الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، بأنصلاة الجماعةعند بعض العلماء هي سُنة مؤكدة، فيما أنها فرض كفاية عند أئمة الشافعية، منوهًا بأنها كذلك شرط عند البعض، وفرض عين عند الآخرين، فهكذا اختلف فيها العلماء.
وأوضح «عثمان» في إجابته عن سؤال: «ما فضل صلاة الجماعة وهل هي سُنة أم فرض؟»، أن صلاة الجماعة لها فضل كبير، فهي تربط الإنسان بالجماعة وبإخوانه وببيوت الله عز وجل، مشيرًا إلى أن بها يدخل الإنسان تحت قوله تعالى: « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ » الآية 18 من سورة التوبة.
ولفت إلى أنه يضاعف له ثواب الصلاة لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أن صلاة الرجل في جماعة تفضل صلاته منفردًا بخمس وعشرين درجة أو بسبع وعشرين درجة، إذن فثواب صلاة الجماعة عظيم، فضلًا عن أنه عندما يرتبط الإنسان ببيوت الله تعالى فإنه يكون أكثر تقوى وورعًا ومقيمًا للفرائض، لذا لابد أن يكون للإنسان عهد مع بيوت الله عز وجل من وقت لآخر، فلا يهجر بيوت الله تعالى تمامًا ويفضل الصلاة منفردًا، وعليه أن يجعل وقتا أو اثنين لبيوت الله تعالى.