كلمات التهدئة التي نسمعها من الناس ونصائحهم لنا بأن نحافظ على هدوئنا وألا نغضب، نصائح وكلمات جميلة من أشخاص يحبوننا ويخافون علينا. حتى الانتقادات البناءة تكون في صالحنا من أقرب الناس لنا.... ولكن للأسف الشديد لا يشعر أحد بمشكلاتنا أو بالأشياء التي تثير غضبنا بنفس درجة إحساسنا.... كما يقول المثل الشهير: "الذي يضع يده في النار ليس كمن يضع يده في الماء".
هناك أشياء تثير غضبنا واستيائنا في الحياة، كما أن هناك أشياء تثير اهتمامنا وفضولنا وسعادتنا أيضا.... وكل إنسان له طاقة وقدرة على التحمل تختلف عن الآخر، كما أن كل إنسان يختلف في ردود فعله وفي تعبيره عن مشاعره. من الصعب أحيانًا أن نفهم كيف يرى الناس معاناتنا، خصوصًا عندما نشعر بأنهم لا يدركون حجم الانزعاج بداخلنا أو حجم الألم الذي نعاني منه في مواقف معينة.... الآخرون ينظرون إلينا من خلال منظور خارجي، منهم من يرى أننا نعيش حياة مريحة أو نتمتع بما لا يمكنهم الوصول إليه.... هذا التفاوت في الرؤية يخلق فجوة كبيرة بين ما نشعر به نحن وبين كيفية تصور الآخرين لنا ولتفاصيل حياتنا.... حتى لو حاولنا شرح أو تبرير ما نمر به ونشعر به، تبقى التجربة الشخصية والشعور الداخلي شيئًا لا يمكن لأحد أن يشعر به بنفس درجة إحساسنا.
لذلك نضطر دائمًا لرفع شعار "لا للتتفيه ولا للتقليل"... ضد من يتفه أو يقلل من قيمة ما ينزعج منه الآخرون وما يسعدهم أيضًا... قد نجد البعض يفرح لحدث بالنسبة لنا بسيطًا، وقد نجد البعض الآخر ينزعج من شيء لا يؤثر فينا والعكس صحيح... لذلك يجب ألا نقبل أن يقلل الآخرون من قيمة ما نشعر به وما نعبر عنه، وكذلك نحن علينا أن نحترم شعور الآخرين... من المهم أن ندرك أن الذي يخوض التجربة وينغمس في تفاصيلها غير الذي يسمع عنها دون الانغماس فيها.
علينا ألا نحكم على غيرنا، وألا نقبل أن يحكم علينا غيرنا أيضًا... وأن نواجه من ينتقدنا بشكل هدام لمجرد أنه يرى أن ما نمر به أو نشعر به هو أمر تافه، سواء كانت هذه المشاعر إيجابية أو سلبية... ولنعلم أن الحياة كأس من مشاعر يدور على الجميع في وقت محدد... وأن ليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل ما يصدر للناس هو الحقيقة، وإنما هناك أشياء أخرى خلف الكواليس يعيشها الإنسان بخصوصية... فلا تحكم على غيرك من الصورة الخارجية التي تراها أمامك.