أثارت شركة ديب سيك Deepseek الصينية، وهي إحدى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ضجة كبيرة في قطاع التكنولوجيا بعد الكشف عن نموذجها المبتكر الذي يعتبر ردا قويا على ChatGPT، إلا أن الاهتمام الذي اجتذبته لم يقتصر فقط على الأوساط التقنية والاستثمارية، بل امتد إلى الساحة السياسية أيضا.
في وقت مبكر من هذا الشهر، اقترح اثنان من أعضاء الكونجرس الأمريكي مشروع قانون من الحزبين، يهدف إلى منع استخدام ديب سيك Deepseek على الأجهزة الحكومية الأمريكية، مستندين إلى مخاوف متزايدة بشأن الأمن القومي، وقد تبع هذا التحرك خطوات مشابهة من أستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان التي شهدت تحركات مماثلة.
وقال Xiaomeng Lu، مدير الأبحاث في مجموعة Geotechnology الأوروبية: “كنت مندهشا قليلا لأن الولايات المتحدة لم تكن أول من سارع إلى حظر Deepseek. عادة ما تقود الولايات المتحدة الحملة ضد التكنولوجيا الصينية”.
ورغم أن بعض المراقبين أرجعوا التأخر في اتخاذ الإجراءات إلى دونالد ترامب، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن التحركات الحكومية ضد Deepseek قد تكون متأخرة.
ففي تصريح له في فبراير، قال “ترامب” إن الذكاء الاصطناعي سيكون "أقل تكلفة بكثير من الأيدي البشرية"، مضيفاً أنه يعتبر ذلك أمرا إيجابيا، لكن ترامب كان قد قاد محاولات حظر تيك توك في الولايات المتحدة في عام 2020، ورغم توقف الحظر تحت الإدارة السابقة، يظل المراقبون متيقظين لاحتمالية اتخاذ مواقف مشابهة ضد Deepseek.
فيما يتعلق بمخاطر Deepseek المحتملة، يتساءل البعض عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات ضد التقنيات الصينية، في عام 2022، وقع الرئيس جو بايدن أمرا تنفيذيا يحظر استخدام تيك توك على الأجهزة الحكومية الأمريكية، وهي خطوة تلتها تشريعات أخرى مشابهة.
وينظر الآن إلى Deepseek على أنه تهديد مشابه من حيث الأمان القومي، خاصة مع وجود تقارير تفيد بأن الشركة قد تكون قادرة على مشاركة بيانات المستخدم مع شركات صينية مملوكة للدولة مثل China Mobile.
من الناحية التقنية، يشير جيسون كورسو، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ميشيجان، إلى أن Deepseek مثل غيره من نماذج الذكاء الاصطناعي، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالأمان مثل حماية البيانات ومنع التحيز أو "الهلوسة" التي قد تنتج عنها إجابات مضللة.
وعلى الرغم من هذه المخاوف، يرى كورسو أن معظم هذه المخاطر ليست فريدة من نوعها بالنسبة لـ Deepseek، مشيرا إلى أن جوجول Gemini وOpenAI يواجهان تحديات مشابهة.
من ناحية أخرى، يعتبر حظر Deepseek معقدا بسبب طبيعته مفتوحة المصدر، مما يجعل من الصعب منع الوصول إلى الكود البرمجي نفسه، يرى Yubei Chen، مؤسس شركة Aizip للذكاء الاصطناعي، أن حظر التطبيق أو الموقع فقط ليس كافيا، وأن "الحل سيكون بناء جدار حماية فعال لمنع الوصول".
لكن حظر Deepseek ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب التعاون من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون، اللتين تدعمان نموذج R1 الخاص بالشركة الصينية على منصاتهما السحابية.
وفي الوقت ذاته، يعتبر البعض أن حظر Deepseek قد يضر بالقدرة التنافسية للذكاء الاصطناعي الأمريكي على المدى الطويل، في حين يرى آخرون أن القيود القانونية على Deepseek قد تكون وسيلة لتعزيز دور أمريكا في سباق التكنولوجيا مع الصين.