أكد الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال إدارته الجلسة الخامسة من فعاليات مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي، أن الأزهر يبذل جهودًا كبيرة لإرساء مبدأ المواطنة باعتبارها أساسًا للتعايش بين البشر ونبذ التعصب المذهبي، موضحًا أن الناس يختلفون في انتماءاتهم الدينية، وأن أتباع الدين الواحد يختلفون في مذاهبهم العقدية والفقهية، ولا مشكلة في التعايش في ظل هذا التعدد والتنوع في الأساس؛ ولكن المشكلة في التعصب للانتماء الديني والمذهبي، وربما يصل الأمر إلى تكفير المسلمين بعضهم بعضًا، وتكفير أتباع الديانات الأخرى لشركائهم في الدين الذين يخالفونهم في الانتماء المذهبي، وبكل تأكيد فإن التعايش تحت مظلة المواطنة يقضي على كل أشكال التعصب وأضراره على الأفراد والمجتمعات.
من جانبه بيّن الدكتور مصطفى باجو، أستاذ الفقه وأصوله بجامعة غرداية، عضو المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، على ضرورة التحلي بأدب الحوار المنصف، والإنصاف يقتضي الإنصات واستيعاب الرأي والرأي الآخر، حتى تنجلي الحقائق ويؤخذ بالرأي الأصوب، دون محاولة فرضه بمنطق القوة وعزة النفس والغرور، داعيًا إلى ترسيخ حرمة التفرق، والتعريف بخطورته على الأمة حاضرًا ومستقبلًا، واعتبار الوحدة فريضة شرعية.
كذلك أكد آية الله الدكتور أبو القاسم الديباجي، الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي، أن تحقيق الوحدة الإسلامية لم يعد خيارًا، بل ضرورة لمواجهة التحديات الثقافية والاقتصادية والسياسية التي تواجه الأمة الإسلامية، مشددًا على أن الوحدة تتطلب الإيمان بالعدل والمساواة وتعزيز الهوية الإسلامية المشتركة، داعيا لتعزيز الحوار بين علماء المذاهب، والاستفادة من الإعلام والتكنولوجيا لنشر قيم التفاهم، مؤكدًا أن القادة والعلماء والمستثمرين شركاء أساسيون في بناء هذه الوحدة، مشددًا على أن الوحدة الإسلامية هي السبيل الوحيد لاستعادة أمجاد الأمة وتعزيز استقلالها في عصر العولمة.
فيما أكد الدكتور عبد اللطيف آل محمود، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين، أهمية ترسيخ مبادئ الوحدة بين المسلمين لمواجهة التحديات التي تمر بها الأمة الإسلامية في العصر الحديث، مشددا على ضرورة أن تتحمل القيادات الدينية مسؤوليتها في توجيه المسلمين نحو خطاب موحد، يعزز التفاهم والتعايش السلمي بين المذاهب والمدارس الفكرية المختلفة، مشيرًا إلى أن بعض التيارات المتطرفة حاولت تشويه صورة الإسلام عالميًا، وهو ما يجعل الحاجة إلى الحوار بين المسلمين أكثر إلحاحًا، لمواجهة حملات التشويه والعداء للإسلام.
من جانبه أوضح الشيخ ناصر العصفور، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين، أن الاختلافات العقائدية والمذهبية في المجتمع المسلم أدت إلى ظهور انقسامات وصراعات، نتيجة غياب الحوار الجاد بين المذاهب لترسيخ التعايش وقبول التنوع، مؤكدًا أنه إذا توحد الخطاب الديني وابتعد عن مواطن الخلاف والاختلاف، وتوجه أصحابه إلى نشر الوسطية ولغة التسامح ونبذ الفرقة والتسهيل على العباد من دون الإضرار بالثوابت الشرعية، وسلك منهج التنوع والتجديد في الأساليب والتدرج في لغة الخطاب بحسب المخاطبين والزمان والمكان، ومراعاة الواقعية في الطرح، أعطى ثمارًا طيبةً، وبلغ صاحبه مراده ومبتغاه.
فيما دعا السير إقبال عبد الكريم سكراني، المستشار الأول بالمجلس الإسلامي البريطاني، إلى تجاوز الانقسامات داخل الأمة الإسلامية من خلال تعزيز الحوار الداخلي، والتركيز على المبادئ الإسلامية المشتركة مثل العدل والرحمة، والاستفادة من التعليم والتكنولوجيا لمواجهة التحديات الطائفية والسياسية والثقافية، مشددًا على أهمية المبادرات المجتمعية والتشريعات المناهضة للكراهية الدينية، مشيدا بنجاح تجربة جامعة الأزهر في تعزيز لغة الحوار، مؤكدا أن الوحدة الإسلامية ضرورية لمستقبل أقوى وأكثر انسجامًا.
المؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي يأتي استجابة لدعوة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال ملتقى البحرين للحوار في نوفمبر عام 2022، وبرعاية كريمة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبمشاركة أكثر من ٤٠٠ شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيَّات الإسلامية والمفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، حيث يهدف إلى تعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المسلمين، والتأسيس لآلية حوار علمي دائمة على مستوى علماء ومرجعيات العالم الإسلامي.