«الصهيونية» ذلك المصطلح الذي يهدف إلى جمع شتات اليهود في العالم على حساب تشتيت أصحاب الأرض العربية الفلسطينية. وترتبط تلك المقاصد بتمسك الولايات المتحدة الأمريكية بإيجاد حلول لحليفتها الصهيونية، لتصبح الدولة الإسرائيلية خالية من أي نزاع أو منافسة، متجاهلةً حقوق أصحاب الأرض بشكل متعمد.
ومقابل تلك الخطط، كان للعرب كلمة أخرى بعيدة عن آمال وطموحات هؤلاء الطامعين، ليظهر مصطلح "القومية العربية" من أجل وحدة واستقلال الأمة العربية. فكان لمصر دور راسخ في حماية أشقائها الفلسطينيين والحفاظ على الأرض ما دامت الحياة.
بدأ الإسرائيليون خطتهم السوداء التي وثقها التاريخ على يد "تيودور هرتزل"، وأتى مصطلح "الصهيونية" على لسان "ناتان بيرنبوم" المساعد لتيودور، الذي دعا إلى نقل اليهود بشكل جماعي إلى فلسطين. وسعى مؤسسها إلى تملك ميثاق لتنفيذ ذلك، إلى أن وصل إلى وعد "بلفور" المشؤوم.
وبعد أن رفضت مصر ومعها دول عربية، ومن قبلهم الفلسطينيون، هذا المصير الظالم، قاوم أهل الأرض ذلك البيع الخسيس الذي جرى بدعم من الدول الغربية. فحل فساد الصهاينة في أراضي الزيتون، بالإضافة إلى قتلهم وتشريدهم للأطفال والنساء، واغتيال الأمن والسلام في أرض السلام.
على الرغم من مرارة ذلك، لم تضعف عزيمة أصحاب الأرض، فالأرض لم تمل ولم يشب الشباب. فقد بقيت الأرض بورًا ترفض وجودهم لأكثر من 76 عامًا، وأهلها يزداد فيهم الحماس والفداء. فكم من شهيد فدى الأرض بروحه، وكم من مصاب صد رصاص العدو بصدره.
فلا مناص من أن "أمريكا"، التي يُشاع عنها أنها بلد الحريات والعدل، سعت منذ أن بعثت وزير خارجيتها عام 1955 لطرح اقتراح بعودة بعض الفلسطينيين إلى الأرض، وتعويض الأسر الفلسطينية المهجرة، وتوطين المتبقين في دول عربية. وعاد طرح ذلك الاقتراح من قبل الرئيس الأمريكي "جون كينيدي" خلال إحدى المؤتمرات عام 1957، وقوبلت تلك الاقتراحات بالاستهجان والرفض.
ويعد ترابط المصالح الأمريكية الإسرائيلية أمرًا جذريًا ومنهجًا لا يكفون عنه، وذلك أمام تصميم كل عربي في بداية القرن العشرين على التحرر من قيود الاستعمار، رافضين كل غزو أو تحكم أو ولاية غربية على أراضيهم. فنشأ مصطلح "القومية العربية" ليعبر عن الترابط والتكامل الطبيعي لأمة انصهرت ثقافتها وتاريخها ولغتها في شكل واحد، وتوحدهم على كلمة ورغبة واحدة في الدفاع عن الأرض ولا شيء سواها.
وكان لمصر دور أكبر في المقاومة والنضال الذي قاده زعماؤها الخالدون، وظلت مؤمنة بحمل مصير القضية الفلسطينية على عاتقها، منذ اجتماع "أنشاص" الذي عقد عام 1946، وتمسكت فيه مصر والدول العربية بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. ووقفت مصر لدعم حق الشعب الفلسطيني عام 1974 في إقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وصدر القرار رقم 3375 لسنة 1975 من الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط.
والكثير من المواقف والأفعال، التي كان آخرها موقفها المشرف من خلال قيادتها وكل مؤسساتها وشعبها، ضد هجمات الكيان الصهيوني عام 2023 على غزة، والتي أثبتت فيها مصر وقوفها بجوار الفلسطينيين والدفاع عنهم، وإدخال المساعدات دون أي كلل أو ملل. وتمسكت مصر بحق الشعب الفلسطيني الأبي في أرضه، وهاجمت عدوان المحتل بنفيها عنه ملكيته للأرض الفلسطينية، ودفاعها عن حق العودة وإعمار الأرض، وأن عاصمتها القدس الشرقية.
ولم تكترث مصر بأي هجمات من الإعلام، سواء من أبواق غربية أو إسرائيلية، بل هاجمت ورفضت دعايات وطموحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لمطامعه في شراء الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين.
وما نؤكده هو أن مصر ستظل داعمة لصمود الشعب الفلسطيني الذي أثبت للعالم مدى تضحيته وفدائه لذلك الوطن الشريف. وستبقى مصر تدافع عن العروبة والعرب، وستواجه مطامع الصهيونية، وستكسر صمت العالم عما يفعله الصهاينة، لتثبت أنها تحمل على عاتقها مصير تلك القضايا. لتظل مصر كبيرة دائمًا بمواقفها وأفعالها ودعمها.. حفظ الله مصر.