استيقظت مدينة بني سويف، أمس الثلاثاء، على خبر صادم هزّ القلوب وأدمع العيون.. الدكتور محمد يحيى، أستاذ طب العظام بجامعة الأزهر، غادر الحياة فجأة، بعد ساعات قليلة فقط من كتابة منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، يتحدث فيه عن رؤيا غريبة جمعته بصديق عمره الراحل، الدكتور علاء إبراهيم.
كان منشوره مليئًا بالمشاعر، وكأنه يودّع الدنيا قبل أن يفارقها.
كتب بتلقائية صادقة عن حلم رآه منذ أشهر، لكنه ظل محفورًا في ذاكرته بكل تفاصيله.
في تلك الرؤيا، وجد نفسه يسير مع صديقه الراحل تحت الأرض، ممسكًا بذراعه، لا يعلم كيف وصلا إلى هناك، ولكن المشهد لم يكن مخيفًا، بل كان أشبه برحلة روحية غامضة.
![](https://media.elbalad.news/ArticleUpload/2025\2\12\113461-المنشور_746_044653.jpg)
فجأة، صادفهما مجموعة من الناس، وحين رأوهم سألوه باندهاش: “كنتم فين يا جدعان؟ ده النبي، عليه الصلاة والسلام، كان هنا من شوية ووزّع علينا كبايات مياه نشربها!”
ارتبك الدكتور محمد عندما رأى صديقه علاء متأثرًا بكلامهم، لكنه بادره بابتسامة مطمئنة وقال: "ولا يهمك، تعالى نروح هناك.. ربنا سبحانه وتعالى بيوزع ميه.. نروح نشرب منه." واستشهد بآية كريمة: "وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا."
لم يكن يعلم وهو يكتب كلماته هذه أن القدر كان يُعدّ له لقاءً قريبًا مع رفيقه. كلماته الأخيرة حملت إحساسًا غامضًا، وكأنه يودّع الجميع، بل ويعلن بشفافية مؤثرة: "علاء سبقني إلى دار الحق، وأنا إن شاء الله بهم لاحقون."
بعد ساعات قليلة، رحل الدكتور محمد يحيى، تاركًا خلفه صدمة كبيرة بين أصدقائه وزملائه وطلابه. وسائل التواصل الاجتماعي امتلأت بنعيه، والقلوب امتلأت بالحزن، لكن يبقى منشوره الأخير شاهدًا على لحظة نادرة من الإحساس بقرب اللقاء مع الله، وكأنها رسالة أخيرة تركها للعالم قبل أن يودّعه.
رحل الدكتور محمد، لكنه ترك وراءه قصة ستظل تُروى، ليست فقط عن الموت، ولكن عن الرحلة التي تسبق الرحيل، عن الأحلام التي قد تكون رسائل، وعن قلوب صافية تشعر بقرب لقاء الرحمن قبل أن يحين موعدها.