يعتقد كثير من الناس أن الشخص الذي يظل على جنابة دون اغتسال؛ تلعنه الملائكة، مما يثير تساؤلات حول حكم الذهاب إلى العمل أو أداء المهام اليومية وهو جُنُب، ومدى تأثير ذلك على العبادات.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن ما يشيع بين الناس من أن الملائكة تلعن الجنب في كل خطوة يخطوها، أو أنها تستمر في لعنه حتى يغتسل، أو أن تحت كل شعرة من جسده شيطان، لا أصل له في الشرع، ولا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأضاف المفتي أن الغسل من الجنابة هو أمر واجب؛ حتى يتمكن المسلم من أداء العبادات مثل الصلاة، لكنه يجوز على التراخي وليس على الفور، ما لم يؤدِّ تأخيره إلى خروج وقت الصلاة، ففي هذه الحالة يكون الشخص آثمًا بسبب تأخير الصلاة عن وقتها، وليس بسبب بقائه على جنابة.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أي حديث يُفيد بلعن الجنب، بل الثابت في السنة أن ملائكة الرحمة لا تقرب الجنب حتى يغتسل أو يتوضأ. واستشهد المفتي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: "ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضأ".
حكم الذهاب الى العمل وأنا على جنابة
ومن جانبه، أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، في تصريح سابق له أن الجنب لا تلعنه الملائكة، لكنه إذا ذهب إلى العمل وترك الصلاة، فإنه يقع في غضب الله ولعنته ويرتكب كبيرة من الكبائر، لذلك يجب عليه الاغتسال وأداء الصلاة قبل الذهاب إلى العمل.
وأضاف الأطرش أنه في حال حصول الجنابة بعد صلاة الفجر، وكان الشخص قد أدى الصلاة بالفعل؛ فإنه يجوز له الخروج إلى العمل أو أي نشاط آخر وهو جنب، بشرط أن يغتسل قبل خروج وقت صلاة الظهر حتى لا تفوته الصلاة.
هل يجوز ترديد الأذكار وأنا على جنابة
فيما يتعلق بجواز ذكر الله أثناء الجنابة، أوضح الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الذكر والاستغفار جائز للجنب، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحواله.
وأكد وسام أن ذكر الله يمنح الإنسان الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية، وأن من اعتاد على الذكر لن يستطيع أن يمنع لسانه عنه حتى في حالات الجنابة، مستشهدًا بقول الله تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد: 28).
وبناءً على ذلك، فإن الجنابة لا تمنع الشخص من أداء أعماله اليومية أو الذهاب إلى العمل، ولكن يجب عليه الحرص على الصلاة وعدم تأخيرها عن وقتها، كما يمكنه ذكر الله حتى يغتسل، لكن الأفضل له المسارعة إلى الطهارة متى استطاع.