كان مصطفى كامل (1874-1908) أحد أبرز رموز الحركة الوطنية المصرية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولم يقتصر دوره على الخطابة والعمل السياسي، بل امتد إلى الصحافة، حيث أسس جريدة اللواء عام 1900، لتكون صوتًا معبرًا عن تطلعات المصريين في الاستقلال والحرية.
الصحافة كسلاح في معركة التحرير
أدرك مصطفى كامل أن الصحافة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل يمكن أن تكون أداة فعالة لنشر الوعي الوطني، فأسس جريدة اللواء لتكون منبرًا لمواجهة الاحتلال البريطاني والتنديد بسياساته في مصر. استخدم صفحاتها لكشف ممارسات المستعمر، وللدفاع عن الهوية المصرية، وللمطالبة بالجلاء والاستقلال.
اعتمدت الجريدة على أسلوب حماسي، فكان مصطفى كامل يكتب مقالات نارية تلهب مشاعر الجماهير وتحثهم على رفض الاحتلال والتمسك بحقوقهم الوطنية.
كما اهتم بتغطية القضايا الاجتماعية، مثل التعليم والتنمية، وربطها بالكفاح السياسي، مؤكدًا أن نهضة مصر لا تكتمل إلا بالتحرر من السيطرة الأجنبية.
أبرز معارك “اللواء” الصحفية
من أهم القضايا التي خاضتها جريدة اللواء كانت حادثة دنشواي عام 1906، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في فضح جرائم الاحتلال البريطاني ضد الفلاحين المصريين، وأثارت موجة من الغضب الشعبي، ساهمت في تصاعد المطالبة بالاستقلال.
كما دافعت الجريدة عن وحدة مصر والسودان ضد محاولات بريطانيا لفصلهما، وحاولت كسب الدعم الدولي للقضية المصرية، خاصة من الدولة العثمانية وفرنسا.
إرث الصحافة الوطنية بعد مصطفى كامل
رغم وفاة مصطفى كامل عام 1908، استمر تأثير اللواء في الحياة السياسية، حيث أكمل تلاميذه، وعلى رأسهم محمد فريد، مسيرته في الدفاع عن الاستقلال. ومهدت الصحافة الوطنية، التي كان اللواء أحد روادها، الطريق أمام ظهور مزيد من الصحف التي لعبت أدوارًا محورية في الحراك السياسي المصري لاحقًا.
لا تزال تجربة مصطفى كامل في الصحافة الوطنية نموذجًا ملهمًا، حيث أثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا في وجه الاحتلال، وأن الصحافة قادرة على تشكيل الوعي وحشد الشعوب في معارك التحرر.