شهدت الأيام الأخيرة موجة من التعليقات والانتقادات حول رؤية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن تهجير سكان غزة، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أيّد الفكرة خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز".
وقال نتنياهو إن "لا خطأ في فكرة ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة"، في إشارة واضحة إلى دعمه للمقترح المثير للجدل، رغم الإدانات الدولية الواسعة.
وفي هذا السياق، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن ثلاث مناطق محتملة تفكر إدارة ترامب في نقل سكان قطاع غزة إليها، وهي أرض الصومال، بونتلاند، والمغرب.
وأوضحت القناة 12 الإسرائيلية أن هذه المواقع جرى اختيارها ضمن خطط أميركية مسبقة، وليست مجرد تصريحات عابرة من الرئيس الأميركي.
البيت الأبيض: خطة تاريخية وليست احتلالاً
وفي محاولة لتوضيح الموقف الرسمي للإدارة الأميركية، خرجت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، مؤكدة أن خطة ترامب لا تهدف إلى احتلال غزة أو نشر قوات أميركية فيها، بل تسعى إلى إعادة إعمار القطاع ونقل سكانه "بشكل مؤقت".
وقالت ليفيت: "الرئيس ترامب لم يتعهد بإرسال قوات برية إلى غزة، كما أن الولايات المتحدة لن تتحمل تكاليف إعادة البناء، بل ستعمل مع شركائنا في المنطقة لتنفيذ هذه المهمة".
وأشارت إلى أن المقترح يهدف إلى تحقيق "سلام دائم في الشرق الأوسط"، متوقعة أن توافق كل من الأردن ومصر على استقبال السكان الفلسطينيين مؤقتاً.
وزير الخارجية: عرض سخي وفريد من نوعه
من جانبه، أيد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خطة ترامب، قائلاً إن الهدف منها هو "إخراج الفلسطينيين مؤقتاً من غزة ريثما تجري إعادة إعمار القطاع".
وأضاف: "إنها مبادرة فريدة من نوعها وسخية للغاية"، على حد وصفه، رغم موجة الانتقادات التي طالت المقترح من أطراف عديدة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
انقسام في صفوف الجمهوريين
وداخل الحزب الجمهوري، أثارت خطة ترامب ردود فعل متباينة، حيث دعم بعض المسؤولين الفكرة، بينما انتقدها آخرون بشدة.
رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، أبدى تأييده للمقترح، قائلاً إن الجمهوريين في مجلس النواب سيدعمون ترامب في هذه المبادرة.
في المقابل، سخر السيناتور الجمهوري راند بول من الفكرة، قائلاً عبر منصة "إكس": "اعتقدت أننا صوتنا لأميركا أولاً! لا مصلحة لنا في خوض احتلال آخر قد يدمر ثرواتنا ويسفك دماء جنودنا".
أما السيناتور كريس فان هولن، فذهب إلى أبعد من ذلك، ووصف المقترح بأنه "تطهير عرقي باسم آخر"، خلال مقابلة تلفزيونية علي قناة "إم.إس.إن.بي.سي".
وفي سياق متصل، عبرت السيناتور ليزا موركوفسكي عن قلقها من أي مقترح يتضمن إرسال قوات أميركية إلى منطقة تعاني من اضطرابات، معتبرة أن ذلك سيكون "أمراً مخيفاً للغاية".
من جانبه، وصف مايكل ستيل، الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، الخطة بأنها غير قابلة للتنفيذ، مشككاً في جدواها وعواقبها المحتملة.
حتى أن السيناتور ليندسي غراهام، المعروف بولائه لترامب، اعتبر أن الاقتراح "إشكالي"، وحذر من إرسال قوات أميركية إلى غزة، مشيراً إلى أن الناخبين الأميركيين يرفضون ذلك.
غموض داخل الإدارة الأميركية
ومن المفارقات التي كشفتها التقارير الصحفية أن العديد من مساعدي ترامب لم يكونوا على علم مسبق بخطته لتهجير سكان غزة، حيث علموا بها أثناء المؤتمر الصحفي الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وأشارت مصادر مقربة من ترامب إلى أن الرئيس لم يطرح هذه الفكرة خلال اجتماعاته مع الجمهوريين، وهو ما أكده أحد كبار مساعديه لشبكة "سي إن إن" قائلاً: "لم يذكر الرئيس كلمة واحدة حول هذا الأمر خلال الاجتماعات الخاصة".
في الوقت نفسه، لم يكن واضحاً ما إذا كان نتنياهو على دراية مسبقة بتصريحات ترامب، إلا أن الابتسامة التي ظهرت على وجهه خلال المؤتمر الصحفي أوحت بأنه كان مسروراً بما سمعه.
هل تصبح خطة ترامب واقعاً؟
وبين التأييد والتحفظ والرفض، لا تزال خطة ترامب حول غزة تثير الجدل داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وبينما يرى بعض الجمهوريين أنها قد تحقق أهدافاً استراتيجية، يعتبرها آخرون مغامرة غير محسوبة قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة.
أما على الصعيد الدولي، فإن أي خطوة في هذا الاتجاه ستواجه بلا شك معارضة شديدة، سواء من الفلسطينيين أو من الدول العربية والمجتمع الدولي. ومع اقتراب الانتخابات الأميركية، يبقى السؤال: هل سيمضي ترامب قدماً في تنفيذ خطته، أم أنها ستظل مجرد تصريحات إعلامية؟