أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه الفلسطينيين ردود فعل غاضبة على الصعيدين الرسمي والشعبي.
وتزامنت هذه التصريحات مع جهود إقليمية ودولية لتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة إعمار القطاع، مما جعلها مثار جدل واسع بين مختلف الأطراف المعنية.
وقد اعتبرتها العديد من الجهات الفلسطينية والعربية محاولةً لتكريس واقع الاحتلال وتهديدًا مباشرًا للحقوق الفلسطينية، في حين دافع عنها بعض الأطراف الإسرائيلية باعتبارها جزءًا من حلول مقترحة للصراع القائم.
![خطط تهجير سكان قطاع غزة بين مواقف ترامب مؤخرا وخطط إسرائيلية سابقا](https://s.mc-doualiya.com/media/display/3b0f52b8-e1d2-11ef-ac9d-005056bf30b7/w:980/p:16x9/040819_golan-1554758680.jpg)
رفض فلسطيني واسع لتصريحات ترامب بشأن غزة
وفي اليوم الـ18 من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، خرجت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ببيان رسمي ترفض فيه بشكل قاطع تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من القطاع، ووصفت اقتراح السيطرة الأمريكية على غزة بأنه "سخيف وعبثي". كما أكدت الحركة أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي محاولة لتغيير ديموغرافيته أو التنازل عن حقوقه الوطنية.
وعلى المستوى الرسمي، تسود حالة من الغضب والرفض الفلسطيني، حيث أكد مسؤولون فلسطينيون أن أي محاولة لفرض تهجير قسري على سكان غزة تتعارض مع القوانين الدولية واتفاقيات جنيف.
الموقف المصري والأردني من تصريحات ترامب
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشددًا على أهمية الإسراع بإعادة إعمار القطاع. كما ناقش الزعيمان تطورات الأوضاع الإقليمية، مؤكدين ضرورة التوصل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أكدا رفضهما لأي خطط تستهدف تغيير الواقع الديموغرافي في غزة، مؤكدين أن الحل الوحيد لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط هو تحقيق سلام عادل ودائم يستند إلى قرارات الشرعية الدولية.
اتفاقية جنيف الرابعة ورفض التهجير القسري
ووفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، يُعد النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة محظورًا بشكل قاطع، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع تصريحات ترامب بشأن تهجير سكان غزة.
وتنص المادة 49 من الاتفاقية على أنه لا يجوز لدولة الاحتلال نقل أو تهجير السكان المحليين من أراضيهم إلى أي دولة أخرى تحت أي ظرف، إلا في حالات الضرورة القصوى، مثل أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية، على أن يتم إعادتهم فور انتهاء النزاع.
كما تؤكد الاتفاقية أنه يجب توفير أماكن إقامة مناسبة للسكان المتضررين وضمان انتقالهم في ظروف إنسانية آمنة، مع عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة.
الموقف السعودي من تصريحات ترامب
وفي بيان رسمي نشرته وزارة الخارجية السعودية عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أكدت المملكة موقفها الثابت والداعم لقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مشيرةً إلى أن هذا الموقف غير قابل للتفاوض أو المزايدات.
كما شدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى في 18 سبتمبر 2024 على أن السعودية لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وكرر هذا الموقف خلال القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في الرياض في نوفمبر 2024، حيث طالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
الموقف العربي والإقليمي
إلى جانب السعودية، أصدرت الأردن، الإمارات، قطر، ومصر بيانًا مشتركًا يعارض مقترح ترامب بتهجير سكان غزة، مؤكدين أن الحل يكمن في إعادة إعمار القطاع مع ضمان بقاء الفلسطينيين في وطنهم.
كما أشاد ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة بدور مصر في الوساطة لتحقيق وقف إطلاق النار، مؤكدًا أهمية التنفيذ الكامل للاتفاق وبدء مسار سياسي يؤدي إلى حل دائم ومستقر للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وتكشف تصريحات ترامب الأخيرة بشأن غزة عن انقسام كبير في المواقف الدولية تجاه مستقبل القطاع. فبينما تلقى دعما من بعض الأطراف الإسرائيلية، قوبلت خطته برفض قاطع من الفلسطينيين والدول العربية، إلى جانب معارضة قانونية استنادًا إلى اتفاقيات جنيف.
وفي ظل استمرار الجهود الدولية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، يبقى السؤال الأهم: هل ستُترجم هذه التصريحات إلى تحركات على الأرض، أم أنها مجرد محاولة لتحقيق مكاسب سياسية؟
ووسط تصاعد الحديث عن مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، أكد الخبير في القانون الدولي، الدكتور محمد محمود مهران، أن مصر لن تقبل بأي مساس بسيادتها الوطنية، مشدداً على أن الشعب المصري يقف صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد لأمنه القومي.
وجاءت تصريحات الدكتور مهران ردًا على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تضمنت طرحاً خطيراً يمس سيادة مصر واستقرار المنطقة.
![](https://media.elbalad.news/ArticleUpload/2025\2\5\WhatsApp Image 2025-_825_022944.jpg)
وفي هذا السياق، استعرض الدكتور مهران أبعاد هذه التصريحات وانعكاساتها القانونية، مؤكدًا أن القانون الدولي يقف بقوة ضد أي محاولات تهجير قسري أو إعادة هندسة التركيبة السكانية لدول ذات سيادة.
وقال الخبير في القانون الدولي، الدكتور محمد مهران، في تصريحات لـ “صدى البلد”، إن مصر شعباً وقيادة، لن تقبل المساومة على سيادتها الوطنية، حتى لو كلفها ذلك حياة شعبها بأكمله، وشدد على أن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تمثل اعتداءً سافراً على السيادة المصرية.
وأضاف أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، في تصريحات صحفية، أن طرح ترامب لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى مصر يعد بمثابة "وعد بلفور" جديد محكوم عليه بالفشل، مشدداً على الرفض القاطع من جانب مصر لأي مساس بسيادتها الوطنية.
رفض قاطع للمخططات الاستعمارية
وكشف الدكتور مهران أن مقترحات ترامب الأخيرة خلال لقائه نتنياهو، بشأن تحويل غزة إلى منتجعات سياحية بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، تعكس عقلية استعمارية متجذرة، مؤكداً أن هذه المخططات تتجاهل حقيقة أن مصر دولة ذات سيادة وإرادة مستقلة.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير القانوني أن القانون الدولي يقف بقوة ضد مخططات التهجير القسري، حيث تنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة صراحة على حظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين، كما تصنف المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التهجير القسري كجريمة ضد الإنسانية تستوجب المحاكمة الدولية. وأضاف أن المادة 8 من النظام ذاته تعتبر الترحيل القسري للسكان المدنيين جريمة حرب تخضع للعقاب الدولي.
وشدد مهران على أن المواثيق الدولية، وخاصة قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو تغيير تركيبتها السكانية، موضحاً أن القانون الدولي يكفل للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967، كما يضمن حق اللاجئين في العودة وفقاً للقرار 194.
وأكد أن أي محاولات لفرض حلول قسرية تتعارض مع هذه المبادئ الراسخة في القانون الدولي.
رسالة مصرية قوية ضد المساس بالسيادة
وأضاف الدكتور مهران أن التظاهرات الحاشدة التي شهدتها مدينة رفح المصرية خلال الأيام الماضية تمثل رسالة قوية للعالم، تؤكد أن الشعب المصري يقف صفاً واحداً خلف قيادته في رفض أي مساس بسيادته الوطنية أو محاولات فرض حلول على حساب أمنه القومي.
وأشار إلى أن مصر، التي صمدت في وجه أعظم الإمبراطوريات على مرّ التاريخ، لن تخضع لأي ضغوط أو إملاءات خارجية، مشدداً على أن القوة الحقيقية لمصر تكمن في وحدة شعبها والتفافه حول قيادته الوطنية.
كما حذر من أن استمرار طرح مثل هذه المقترحات يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري والعربي، مؤكداً أن مصر لن تسمح بتكرار مأساة تهجير الفلسطينيين على أراضيها.
الوعي الشعبي بمخاطر المخططات الصهيونية
وأكد أستاذ القانون الدولي أن الشعب المصري يدرك تماماً خطورة هذه المخططات، وأن التفافه حول قيادته السياسية في رفض التهجير يعكس وعياً عميقاً بمخاطر المشروع الصهيوني في المنطقة.
وأضاف أن مصر ستظل حصناً منيعاً ضد كل المؤامرات التي تستهدف المنطقة، وأن شعبها مستعد للتضحية بحياته دفاعاً عن سيادته وكرامته.
كما لفت الدكتور مهران إلى أن الشعب الفلسطيني، الذي صمد في وجه الاحتلال لأكثر من 75 عاماً، وقدم قوافل الشهداء دفاعاً عن أرضه ومقدساته، لن يقبل بأي مشاريع تهجير أو توطين مهما بلغت الضغوط والتضحيات. وأضاف أن التاريخ أثبت أن الشعب الفلسطيني متجذر في أرضه كجذور الزيتون، وأن جميع محاولات اقتلاعه باءت بالفشل رغم كل أشكال القمع والإرهاب.
وفي ختام تصريحاته، شدد الدكتور مهران على أن المقاومة البطولية في غزة اليوم تمثل دليلاً قاطعاً على أن الفلسطيني سيموت في أرضه ولن يقبل بأي بدائل، مؤكداً أن رفض التهجير أصبح جزءاً أصيلاً من الهوية الفلسطينية التي تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.