قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

منال الشرقاوي تكتب: هل يحقق «أشغال شقة جدًا» نجاحًا يفوق التوقعات؟

منال الشرقاوي
منال الشرقاوي

في عالم الدراما التلفزيونية، تتكرر بعض الثيمات الاجتماعية التي تعكس التحولات في بنية الأسرة والمجتمع، لكن ما يميز كل حقبة هو أسلوب المعالجة وقدرتها على مواكبة العصر. 

من بين هذه الثيمات تأتي فكرة البحث عن "مديرة منزل"، التي بدأت كقالب كوميدي خفيف في السينما المصرية، لكنها اليوم تعود بروح مختلفة في مسلسل «أشغال شقة»، لتتحول إلى أداة نقد اجتماعي تتناول تعقيدات الحياة الزوجية والأسرية في العصر الحديث.

إذا نظرنا إلى الأعمال الكلاسيكية مثل فيلم «صباح الخير يا زوجتي العزيزة»، نجد أن الفكرة قد طُرحت في إطار كوميدي بسيط، حيث تركز الحبكة على محاولات الزوجين للتعامل مع العاملة الجديدة ومواقفها الطريفة. 

كان الهدف الأساسي هو تقديم جرعة من الترفيه من خلال الشخصيات النمطية مثل مديرة المنزل الثرثارة، أو الجميلة الجذابة التي تثير غيرة الزوجة، أو تلك التي تفتعل المشكلات. لكن مسلسل «أشغال شقة» يأخذ هذا المفهوم ويطوره ليعكس صراعًا أكبر بين الحداثة والتقاليد، ومسؤوليات الأسرة في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية.

يطرح المسلسل تساؤلًا مهمًا، هل أصبحت الأسرة الحديثة غير قادرة على التكيف مع مسؤولياتها دون الحاجة إلى مساعدة خارجية؟ وكيف يؤدي هذا الاعتماد إلى خلق توترات غير متوقعة داخل المنزل؟ عبر استعراض الشخصيات المختلفة للعاملات، يسلط العمل الضوء على تقاطع الطبقات الاجتماعية، وتأثير العوامل الاقتصادية على استمرارية العلاقات المهنية داخل المنزل. 

كما أن المسلسل أتاح مساحة أكبر للشخصيات الثانوية، ما ساعد على كشف أبعادهم الاجتماعية وإلقاء الضوء على البيئات المختلفة التي ينتمون إليها. لم يكن وجود العاملات مجرد وسيلة لتحريك الحبكة، بل قدم لنا العمل لمحات عن حياتهن ومجتمعاتهن الخلفية، مما أضفى على العرض ثراءً وتنوعًا، وجعل الشخصيات أكثر قربًا وواقعية في نظر المشاهد. هذه المعالجة جعلت المسلسل يتجاوز الحكاية النمطية ليصبح استكشافًا للحالة المعاصرة بكل تناقضاتها. 

فكل مديرة منزل تحمل معها قصة مختلفة، تعكس صراعات حياتية أوسع، مما يجعل المسلسل يتجاوز حدود الكوميديا القالبية إلى دراما غنية بالتفاصيل.

كما كان الحال في الأفلام الكلاسيكية، لا يمكن الحديث عن مشاكل الأسرة المصرية دون التطرق إلى دور الحموات. لكن بينما كانت الحموات في الأعمال القديمة شخصيات كوميدية بسيطة وجودها فقط لإضافة الطرافة، أصبح وجودهن في «أشغال شقة» أكثر تعقيدًا. فالتدخل هنا ليس فقط مسألة فرض السيطرة أو التحكم في حياة الأبناء، بل يتحول إلى عامل رئيس يُغذي التوترات بين الزوجين. الصراع هنا لم يعد يدور فقط حول سيطرة الحماة على قرارات الأسرة، بل امتد ليشمل رؤية الأجيال الأكبر لأسلوب الحياة الحديثة، ورفض بعض العادات القديمة، مما يجعل هذه الشخصيات أقرب إلى الواقع وأكثر تأثيرًا في تطور الحبكة الدرامية.
ما يميز «أشغال شقة» عن الأعمال السابقة التي تناولت نفس الفكرة هو الإيقاع السريع والحبكة المتشابكة التي تدمج بين الكوميديا والمواقف الجادة بطريقة طبيعية وغير مفتعلة. فبينما كانت الأعمال الكلاسيكية تعتمد على الكوميديا الموقفية البسيطة، جاء هذا المسلسل ليطرح مشكلات أكثر تعقيدًا من خلال مشاهد متسلسلة تكشف تدريجيًا عن التوترات الداخلية في العلاقات الأسرية. كما أن الأسلوب السردي للمسلسل يعتمد على التنقل بين المشاهد بطريقة ذكية، حيث يتوازى خط البحث عن مديرة المنزل مع القضايا الاجتماعية الأخرى، مما يجعل المشاهدين في حالة ترقب مستمر، دون الشعور بالرتابة التي قد تصيب بعض الأعمال التي تعيد تدوير الأفكار ذاتها دون تطوير.

والآن، مع اقتراب عرض الجزء الثاني من المسلسل خلال أقل من شهر في رمضان المقبل، يظل الفضول قائمًا حول ما إذا كان «أشغال شقة جدًا» سيحافظ على تميزه. هل سينجح في مواصلة نجاحه وتقديم معالجة جديدة لقضايا الأسرة العصرية، أم يقع في فخ التكرار كما حدث مع العديد من الأعمال التي امتدت لأكثر من جزء؟ وما الجديد الذي ستضيفه الأحداث؟ وهل ستشهد الحبكة تطورات غير متوقعة تعمّق الصراعات، أم تكتفي بإعادة تدوير المشكلات نفسها؟ كل ذلك سنكتشفه قريبًا، لكن المؤكد أن الترقب في أوجه، والجمهور ينتظر بشغف كيف ستتطور هذه الحكاية، التي بدأت ببساطة البحث عن مديرة منزل، وتحولت إلى معادلة معقدة تتقاطع فيها الكوميديا مع النقد اللاذع، ضمن تراجيديا ساخرة ترصد صدام الواقع مع متطلبات الحياة الزوجية المثالية.