بدأت موسكو بإعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية في منطقة البحر المتوسط وأفريقيا - مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد - مركزةً اهتمامها بشكل متزايد على ليبيا كقاعدة جديدة لعملياتها.
جاء ذلك وفقًا لما أفاد به موقع “ميليتاري أفريكا” المتخصص في رصد الأنشطة العسكرية في القارة الأفريقية، استنادًا إلى معطيات دقيقة.
رحلات جوية مكثفة بين سوريا وليبيا
منذ عدة أسابيع، رصد الموقع حركة مكثفة لطائرات شحن عسكرية روسية من طراز أنتونوف AN-124، التي قامت بنقل معدات عسكرية من قاعدة حميميم الجوية في سوريا إلى ليبيا.
كما أظهرت صور الأقمار الصناعية أن مرتزقة روس يعملون على بناء وتوسيع قواعد لوجستية في جنوب ليبيا، قرب الحدود مع تشاد والسودان، ما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو شمال أفريقيا بعد تراجع النفوذ الروسي في دمشق.
إعادة التمركز بعد فقدان سوريا
قبل التغيير السياسي في سوريا، كانت روسيا تعتمد على قواعدها العسكرية هناك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وأفريقيا، خصوصًا في الساحل الأفريقي، السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى. لكن سقوط الأسد أربك هذه الخطط، رغم تأكيد الرئيس السوري الجديد، أحمد الشراء، على أهمية العلاقات مع موسكو.
وفي مواجهة هذا التحدي، كثّفت روسيا من وجودها العسكري في ليبيا، عبر تعزيز علاقاتها مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، حيث زودته بمرتزقة مجموعة فاغنر، وطائرات هجومية، وأنظمة تسليح متطورة.
نقل منظومات دفاع جوي إلى ليبيا
وفقًا للتقارير الاستخباراتية التي استند إليها ميليتاري أفريكا، قامت موسكو منذ ديسمبر الماضي بنقل منظومات دفاع جوي متقدمة من سوريا إلى ليبيا، بما في ذلك S-300 وS-400، في خطوة تعكس تحوّل التركيز الروسي نحو شمال أفريقيا.
كما ارتفع عدد القوات الروسية في ليبيا من 800 جندي في فبراير 2024 إلى 1800 جندي بحلول مايو من العام نفسه، ما يعكس التوسع الروسي المتسارع في المنطقة.
السيطرة على قاعدة عسكرية استراتيجية
وفي يناير الماضي، منح خليفة حفتر القوات الروسية السيطرة على قاعدة "معطن السارة" الجوية، القريبة من الحدود مع تشاد والسودان. ووفقًا للموقع، بدأت موسكو بإعادة تأهيل القاعدة لتكون مركزًا لوجستيًا لدعم عملياتها العسكرية في منطقة الساحل.
وبحسب تقرير “ميليتاري أفريكا” تدير روسيا حاليًا أربع قواعد جوية رئيسية في ليبيا، أبرزها:
- قاعدة الخادم (الخرُوبة): تقع شرق ليبيا، وتُستخدم منذ عام 2016 كمركز للعمليات الجوية والدعم اللوجستي.
يشير مراقبون إلى أن التوسع العسكري الروسي في ليبيا يعكس رغبة موسكو في تعزيز نفوذها في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، مستغلةً الفراغ الاستراتيجي الناجم عن التغيرات في الشرق الأوسط.
ويبدو أن روسيا تسعى لجعل ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لعملياتها العسكرية والاستخباراتية، خصوصًا في ظل التنافس الدولي المتزايد على الموارد والنفوذ في القارة الأفريقية.