قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه عَنِ النَّبِىِّ ﷺ فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : « يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِى وَرَجَوْتَنِى فَإِنِّى سَأَغْفِرُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ؛وَلَوْ لَقِيتَنِى بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا لَلَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ،وَلَو عَمِلْتَ مِنَ الْخَطَايَا حَتَّى تَبْلُغَ عَنَانَ السَّمَاءِ مَا لَمْ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِى لَغَفَرْتُ لَكَ ثُمَّ لاَ أُبَالِى ».
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان هذا حديث يُبَيِّن سعة رحمة الله سبحانه وتعالى وغفرانه، مهما كثرت الذنوب وعظم شأنها، فإننا لا نيأس من روح الله، ولا من فضله، ولا من رحمته. ولا يمكن أن نغلق الباب على أنفسنا، ولا على الخلق مع الله سبحانه وتعالى.
بعض مَنْ يَمُنُّ الله سبحانه وتعالى عليه بشيء من الطاعة، يقول: كيف نسمح للناس أن يذنبوا وأن يتوبوا إلى الله؟ ليس نحن الذين سمحنا، رب العالمين هو الذي خلق الخلق، وهو الذي وسعهم، وهو الذي رحمهم، يقول رسول الله ﷺ: «كل ابن آدم خَطَّاء ... » وكلمة (خَطَّاء) علي صيغة مبالغة، بينما (خاطئ) مأخوذة من الخطأ أو الخطيئة. والخطأ: يتم عن غير قصد، والخطيئة: تتم عن قصد للإثم. فـ"كل ابن آدم خَطَّاء" أي كثير الخطأ، يتكرر منه الخطأ.
«وخير الخطاءين التَّوَّابون» التَّوَّاب: أي كثير التوبة. إذن، فالله سبحانه وتعالى ينادي ابن آدم، ويقول له: «يا ابن آدم، لو جئتني بتراب الأرض ذنوبًا، ثم جئتني تائبًا، لغفرت لك».
هل يمكن للإنسان أن يأتي بتراب الأرض ذنوبًا؟ فلنحسب عدد ذرات تراب الأرض ولنحسب عدد لحظات حياة الإنسان. كم يعيش الإنسان في هذه الأرض ؟ مائة سنة؟ لنفترض ذلك.
السنة بها ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا، اليوم فيه أربع وعشرون ساعة، والساعة فيها ستون دقيقة، والدقيقة فيها ستون ثانية. اضرب كل هذا، وستجد كم ثانية في حياة الإنسان؟ هذا العدد الذي ستحصل عليه ستجده في متر مربع أو مكعب من التراب يزيد كثير على هذا العدد. فما بالك بالكرة الأرضية؟ كم فيها من ذرات للتراب؟
لو جئت ربك وأنت مرتكب لهذا العدد من الذنوب، ثم جئته تائبًا، لغفر لك. هل تستطيع أن تذنب وتعصي ربك كل لحظة بشتى أنواع الذنوب؟ افعل هذا إذا استطعت، ثم عد إلى الله تائبًا نادمًا، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر لك الذنوب .
هذا جمال ما بعده جمال، وسعة ما بعدها سعة ، وفتح لأبواب الرحمة، ورجاء في وجه الله سبحانه وتعالى ليس بعده رجاء فما الذي ينبغي علينا أمام هذه الرحمة؟ وما الذي ينبغي علينا أمام هذا الفضل؟ ينبغي علينا أن نستحي من الله، وأن نعود إليه سريعًا، وأن نستغل فضله ورحمته بالعودة ، والاستغفار، وطلب المغفرة من رب العالمين، فهو الغفار. لا تيأس؛ إنما ارْجُ وجه الله.