قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا ﷺ صخرة الكونين، وعماد وسند العالمين في الدنيا والآخرة.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فما معني "صخرة العالمين والكونين"؟يعني: كل الناس تستند إليه ، فتجده خير مستند وخير معتمد، كالصخرة. فهو صخرة الكونين ﷺ ، والعالمين : الدنيا والآخرة، عالم الشهادة وعالم الغيب، كما قال تعالى : {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}.
فهو ﷺ له أحوال عند ربه، جمع فيها كل ما اختُصَّ به الأنبياء، فأجرى الله على يديه كل ما أجرى على أيدي الأنبياء من معجزات، حتى عدّوا معجزاته ﷺ ففاقت الألف.
لكنه مع ذلك تفرد ﷺ بمعجزات لا تُعجز العادة فقط، بل تُعجز قوانين الكون، ومن ذلك معجرة الإسراء والمعراج : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
قال الإمام الألوسي: «هو السميع البصير يعني به: محمدًا ﷺ ».
وقال بعض المفسرين : راجعة إلى الله، و {هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}، أي : هو الله عز وجل ، أو يجوز إنها ترجع إلى سيدنا النبي -ﷺ-؛ حيث أراه الله في هذا اليوم وأسمعه ما لم يكن قد خطر على قلب بشر.
في ليلة السابع والعشرين من رجب الأصم، الأصب، الفرد، المحرم، هل أُتِيَ النبي ﷺ عند الكعبة وكان نائمًا عندها، أم كان في فراش السيدة خديجة -عليها السلام-؟قد وقد؛ لأنه عندما عاد وجد فراشه دافئًا كما تركه، معجزة تُعجز الأكوان. لماذا ؟ لأنه ذهب إلى السماء السابعة ورجع في أربع دقائق ! لا سرعة الضوء تنفع، ولا سرعة الصوت تنفع.
إذن، هذا خلقٌ بـ (كُنْ) :
كُنْ في السماء الأولى فكان.
كُنْ في السماء الثانية فكان.
كُنْ في السماء الثالثة فكان ، وهكذا.
فعلى هيئة الانتقال ظاهرًا، والتكوين حقيقةً.
فما معنى هذا ؟ هذه معجزة حتى للكون نفسه، يعني: الكون نفسه لا يستطيع عمل ذلك.
إذن، ارتقى إلى سدرة المنتهى، ورأى ما رأى : {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}.
فسيدنا ﷺ اختُصّ بهذه المعجزة؛ ولذلك فهي معجزة لم يرها أحد، وإنما رأوا آثارها. فأخبرهم على البعير، وعن القافلة، وعن أبواب بيت المقدس. لكنه لم يكن معه أحد من البشر؛ لأن المختصّ هو سيدنا ﷺ وليس البشر. البشر إنما يؤمنون بها تحت إيمانهم بقدرة الله : {إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ولكن هناك من ينازع في كون الإسراء قد حدث بالروح أم بالمنام. قال تعالى : {أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، والعبد هنا يُطْلق على الروح والجسد.
ما هذا ؟ هذا أمر الله : {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
هذه هي القضية. فإذا قلنا : "سرعة الضوء"، لا يمكن ؛ فهذه معجزة تُعجز الضوء، وتُعجز الصوت - لأن الصوت أقل سرعة - فتُعجز الكون كله ، من عرشه إلى فرشه.
من العرش إلى الفرش، لا تدخل لأحد بهذه المعجزة. هذه هي {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}. فمن صاحب هذه المعجزة ؟ الله تعالى فقط. تسليم مطلق بقدرة الله.