العشم كلمة قد تُساء فهمها أحيانًا من البعض، فتتحول من مساحة للود والتقدير إلى توقعات غير واقعية وتجاوز للحدود الطبيعية، وإلى تصورات أبعد من المتعارف عليها.... ومن ثم تصدر عن البعض الذي يسيء فهم العشم تصرفات سلبية ناتجة عن هذا الفهم الخاطئ قد تخلق ضغوطًا وعلاقات مشحونة بالتوتر.
من ضمن التصرفات الناتجة عن إساءة فهم العشم، اختراق الخصوصية. عندما نتحدث مع أحد عن جانب من جوانب حياتنا الشخصية قاصدين المشاركة أو الاستفسار عن شيء، وكل هذا من باب العشم.... يُساء فهم هذا العشم ويتحول الأمر إلى اختراق لخصوصيتنا من خلال كسر حدود مساحتنا الخاصة.... معظم الناس لا تفهم أن سماحنا بإظهار جزء أو جانب من حياتنا الشخصية لا يعني أبدًا السماح لهم بالتطفل والاختراق.
ليس الجميع يستحق أن يكون في دائرة الثقة، فمن الحكمة أن نحاط بمن يفهمون قيمة الخصوصية ويحترمونها، ومن يحافظون على الثقة المتبادلة بيننا وبينهم.... ومن الناس الذين لا يستحقون أن يكونوا في دائرة الثقة أولئك الذين يعطون لأنفسهم حق التدخل في جوانبنا الشخصية من خلال سؤالنا بحكم العشم، وعندما نسأل نحن أو نتدخل لتبادل الثقة، يضعون لنا حدودًا.... أشخاص يأخذون منا ما يريدون من معلومات عن حياتنا الشخصية ولا يسمحون لنا أن نسأل أو نأخذ منهم ولو جزءًا.... يضعون الحدود لنا ويسمحون لأنفسهم بكسر الحدود معنا.
دائرة علاقاتنا مع الناس يجب أن يتم استحداثها كل فترة.... فليس غريبًا أن يتحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم، والعكس صحيح. وليس غريبًا أن نسحب الثقة ممن منحناهم إياها ونعطيها لمن لم نثق بهم في الماضي.... مواقف الناس وتصرفاتهم هي ما ترتب محبتهم في القلب وتحدد من المستحق ومن غير المستحق لثقتنا.... في كثير من الأحيان تكون العلاقات السطحية أكثر استقرارًا واستمرارًا من العلاقات العميقة، خاصة عندما يمنح العمق حق اختراق الخصوصية واهتزاز الثقة.
علينا أن نكون حذرين في التعامل مع البشر، خاصة الغرباء، وألا نمنحهم الثقة بسهولة إلا بعد اختبارات عديدة.... أما عن القريبين منا، فعلينا ألا نستبعد التغيرات المفاجئة التي قد تجعلنا نضطر لوضع حدود جديدة أو كسر حدود سابقة.... كل شيء قابل للتغيير، خاصة في العلاقات.... وبالتأكيد هناك علاقات عميقة وثابتة منذ زمن ومستمرة بكل حب وثقة حتى الآن، علينا أن نعزز هذه العلاقات وننميها لأنها نادرة في هذا الزمان.