متى يصبح الدروب شيبنج حلالاً؟ يتساءل البعض عن حكم البيع بطريقة الدروب شيبنج أو البيع عبر سلسلة التجزئة وهو طريقة يقوم من خلالها بائع التجزئة أو صاحب المتجر بشحن المنتجات مباشرة من المصنّع أو بائع الجملة إلى الزبون، وفي هذه الحالة لا يحتاج إلى امتلاك مستودع لتخزين المنتجات وتكديسها، ولس مضطرًّا لشراء البضائع إلاّ في حال تمّ طلبها من قبل الزبون، وهو نوع جديد من البيوع يمارسه العديد من الأشخاص، ولذلك يبحثون عن هل الدروب شيبنج حلال أم حرام؟.
حكم البيع بطريقة الدروب شيبنج دار الإفتاء
قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن شراء المنتجات بدون رؤيتها من خلال «الأون لاين» أو عن طريق الهاتف، عندما يرى الشخص شيئًا معروضًا ويطلب الشراء، وهو المعروف بالدروب شيينج وهو ما يتم عرضه وطلبه من خلال الإنترنت عن طريق تحويل الأموال وانتظار إرسال المنتج خلال مدة محددة، وهذه الصورة بها نوع آخر من البيوع وهو خيار الرؤية، وهو أن يكون الشخص قد رأى صورة المنتج مُبدِعة وعند استلام السلعة وجدها مُختلفة عن الصور.
وأوضح عبد السميع في إجابته عن سؤال: «ما حكم الدروب شيبنج؟»، أنه عند شراء بعض الملابس يكون هناك تصوير معين بزواية معينة مع تدقيق معين والتركيز على شيء معين، يجعل المنتج يظهر على غير حقيقته، وعند استلام المنتج يكون على غير حقيقته ومختلف عن ما تم مشاهدته، وبناء على هذا اشترط العلماء خيارًا آخر وهو خيار الرؤية.
وأشار إلى أنه من حق المشتري أن يطلب من البائع إذا وجد المنتج مختلفًا عن ما تم مشاهدته ترجيعه وهو من سياسة إرجاع السلع إلى أصحابها البائعين، وهو ما أباحته الشريعة الإسلامية.
حكم الدروب شيبنج دار الإفتاء
كانت دار الإفتاء المصرية، نشرت فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أوضح فيها الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أن التعاملُ بالبيع والشراء داخل المتاجر الإلكترونية بما يُسَمَّى البيع بطريقة الدروب شيبنج جائز شرعًا؛ لكونها هذه المعاملة داخلة في عموم إباحة البيع والتجارة تحقيقًا لحاجة الناس، ولكن بشرط انتفاء الغرر والضرر ورفع الجهالة عن المبيع مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.
مفهوم معاملة الدروب شيبنج
وأوضح مفتي الجمهورية السابق، أن معاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال: هي صورة من صور التجارة الإلكترونية المستحدثة، والتي تعني في ترجمتها: "إسقاط عملية الشحن"، وهي عبارة عن إنشاء حساب إلكتروني (موقع تجاري) يقوم فيه مالكه بعرض سلعة معينة موصوفة بكل ما يُعَرِّفها وصفًا منضبطًا ينفي الجهالة عنها، فإن ارتضى العميل (المشتري) نوعًا من السلع المعروضة، قام بعمل طلبٍ لشراء هذه السلعة إلكترونيًّا، وبناءً على طلب المشتري يقوم (الفريق القائم على خدمات الموقع) بدفع ثمن السلعة المطلوبة للطرفِ الثالثِ وهو (تاجر الجملة أو المصنع)، ليرسلها بدوره مباشرةً إلى المشتري، إلا أنها تُغلَّف وتُعَبَّأُ باسم الموقع التجاري ويكون عليها شعاره المعروف به.
حكم البيع في المتاجر الإلكترونية دروب شيبنج
وأفاد بأن هذه المعاملة في جملتها تندرج تحت حقيقة "بيع المرابحة" -في صورته التي نصَّ عليها الإمام الشافعي في “الأم”- إلا أنها تفترق عنه في معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه لكلا الطرفين؛ وصورته: أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحك فيها كذا، فيشتريها الرجل؛ فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها؛ بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعًا، وإن شاء تركه.. وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء؛ يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر؛ فإن جَدَّدَاهُ جاز.
وتابع: «العلة في اشتراط معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه تفصيلًا لكلا الطرفين قبل إتمام بيع المرابحة إنما هي للتحرّز من الجهالة المؤدية إلى الغرر والنزاع بين المشتري طالب السلعة والمرابح؛ قال العلامة ابن مودود الموصلي في “الاختيار”: [ولا بد أن يكون الربح أو الوضيعة معلومًا؛ لئلًا يؤدي إلى الجهالة والمنازعة]».
وواصل: ولذا فقد نُقل عن الإمام مالكٍ كراهةُ عدم استيفاء هذا الشرط مع القول بصحة البيع؛ قال الإمام أبو الوليد ابن رشد المالكي في “البيان والتحصيل”: [ولو أنَّ رجلًا سأل رجلًا أن يبتاع طعامًا أو متاعًا بعينه إلا أنَّه لم يُسَمِّ له ما اشترى به ولم يُسَمِّ له ما يربحه فيه فإني سمعت مالكًا أيضًا يقول فيها: إني أكره أن يعمل به، فأما أنْ أبلُغَ به الفسخ فلا، وأمضاه].
وأبان: فإذا عُلِمَ ثمن السلعة إجمالًا واتفق عليه بين الطرفين فإنَّ هذا يحقق المعنى المرجو من الشرط وهو: رفع الجهالة، ونفي الغرر، ومنع النزاع، وقد تقرَّر في القواعد الفقهية أنَّ "الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا"؛ كما في “شرح الزركشي على مختصر الخرقي”.
هل الدروب شيبنج حلال
ولخص فتواه: بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ البيع الإلكتروني قد أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة التي تستوعبها مرونة الإسلام وتتقبلها ما دامت تُحَقِّق مصالح العباد، ولا تشتمل على مُحَرَّم بنصٍّ قطعيٍّ أو قاعدةٍ كليةٍ، ومعاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال هي: نوع من المعاملات المستحدثة القريبة في جملتها من بيع المرابحة الذي نص على مشروعيته الفقهاء، وهي جائزة شرعًا؛ لكونها داخلة في عموم إباحة البيع والتجارة تحقيقًا لحاجة الناس، بشرط انتفاء الغرر والضرر، ووجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.