"شبراملس".. قرية بمركز زفتى بمحافظة الغربية.. صارت قلعة لصناعة الكتان في مصر، بكل ما يحمله التوصيف من معنى، بعد أن وصلت المساحة المنزرعة بنبات الكتان بها في عهد الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى 112 ألفا و38 فدانا بموسم 2023/2024، والذي يمثل نسبة 90% من محصول الكتان على مستوى الجمهورية، وبنسبة 8% على المستوى العالمي، فضلا عن أنها تحتوى على 39 مصنعا لصناعة الكتان الخام، ما أدى إلى توفير العديد من فرص العمل لشباب المحافظة والمحافظات المجاورة، الأمر الذي عزز من قدرتها الانتاجية، وجعلها توفر عملة صعبة بتصدير منتجاتها لمختلف دول العالم بنحو 80 مليون دولار سنويا.
يأتي ذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتشجيع الأستثمار من خلال توفير كافة سبل الدعم لجذب المستثمرين العرب والأجانب للدفع بعجلة الإقتصاد القومي والقضاء على البطالة من خلال توفير المزيد من فرص العمل والذي بدوره يساهم في مكافحة الهجرة غير الشرعية؛ تنفيذا لأهداف إستراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وأكد محافظ الغربية أشرف الجندي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، سعى الدولة لتوفير كافة الدعم للمزارعين وتطوير القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن زيارة لجنة الزراعة بمجلس النواب الأخيرة للمحافظة واجتماعها مع المزارعين جاء بهدف حل أي معوقات تواجه تلك الفئة وإزالتها وإيجاد الحلول لعملية تعزيز الإنتاج والعمل علي ايجاد حلول تشريعية وتنفيذية لتحسين ظروف المزارعين وضمان استدامة الإنتاج الزراعي.
وقال الجندي: إن محافظة الغربية تُعد من أهم المحافظات الزراعية في مصر .. مؤكدا الحرص على تنفيذ خطط تنموية شاملة لتحسين القطاع الزراعي منها توفير الدعم اللازم للمزارعين، وتقديم الإرشاد الفني والتقني لزيادة الإنتاجية وتحويل التحديات إلى فرص من خلال العمل المشترك ودعم القرى المنتجة لتكون قاطرة للتنمية الزراعية، خاصة أن المحافظة بمزاريعها ومنتجاتها قادرة على أن تكون نموذج يحتذى في التنمية الريفية الزراعية؛ كونها تشتهر بالقرى المنتجة ومنها قرية "شبراملس" صاحبة الصدارة في زراعة نبات الكتان وتصنيعه على مستوى الجمهورية.
وأضاف أن مساحة الأرض المزروعة بنبات الكتان بالقرية تضاعفت هذا العام بسبب فتح باب التصدير مرة أخرى ما أدى إلى ارتفاع سعر ألياف الكتان وإقبال المزارعين على زراعتها مرة أخرى، خاصة أن محصول الكتان من أقدم محاصيل الألياف التي استعملها الإنسان في صناعة ملابسه واستخراج الزيوت منها لاستخدامها في الغذاء واستخدام "الساس" الناتج منها في صناعة الخشب الحبيبي.
ولفت إلى أن الدولة حرصت على إدراج "شبراملس"، ضمن قائمة القرى التي يتم تطويرها بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير البنية التحتية بها، خاصة أنها قرية منتجة، وذلك لتشجيع الاستثمار وجذب المزيد من المستثمرين العرب والأجانب، حيث أصبحت القرية الآن تضم مجمعا حكوميا متكاملا بتكلفة 10 ملايين جنيه، إضافة إلى تطوير ملعب الشباب بتكلفة 6 ملايين و400 ألف جنيه، وإنشاء نقطة إسعاف بتكلفة 2 مليون و700 ألف جنيه، وإنشاء وتطوير مدارس وتطوير البنية التحتية بها من رصف وإدخال صرف صحي، ما أدى إلى زيادة القدرة التنافسية بمصانع الكتان على المستوى المحلي والدولي، ووفر أكثر من 21 ألف فرصة عمل للشباب.
وأوضح أنه بجانب المصانع التي تشتهر بها قرية "شبراملس" لصناعة الكتان، يوجد بمحافظة الغربية، شركة طنطا لتصنيع الكتان، والزيوت والتي تعتبر أحد الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال، حيث تتمتع بتاريخ طويل في انتاج الكتان، الأمر الذي عزز من صدارة المحافظة في إنتاج محصول الكتان على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى أن هذه الجهود تأتي ضمن مشروع "معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية"، الممول من الاتحاد الأوروبي وجهاز المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ويهدف إلى تحسين مستوى المعيشة وإتاحة فرص عمل جديدة للشباب، مما يشجعهم على البقاء والاستثمار في قراهم.
من جانبه، قال النائب محمود أبو حسين عضو مجلس الشيوخ عن دائرة مركز السنطة وزفتى، وابن قريه "شبراملس"، في تصريح مماثل لوكالة أبناء الشرق الأوسط، إن دخل العامل بمصانع الكتان في اليوم يتخطى 350 حنيها بواقع أكثر من 9 آلاف جنيه شهريا.
وأضاف أن الخبراء الصينيين يتهافتون على شراء الكتان بالقرية نظراً لجودته العالية، مشيرا إلى أنه تقدم بطلب لمجلس الشيوخ من أجل إنشاء منطقة صناعية للتعطين على مساحة 20 ألف فدان على أرض الأوقاف ويتم دراسته حاليا.
بدوره، قال الدكتور أمجد عبدالغفار الجمال أستاذ ورئيس قسم المحاصيل كلية الزراعة جامعة طنطا، إن الكتان هو محصول ألياف ثنائي الغرض موجود في مصر منذ القدم حيث استخدمه الفراعنة بشكل كبير في منسوجاتهم وملابسهم وتم العثور عليه في المعابد والمقابر الخاصة بهم .. ومعظم المنسوجات الحالية الموجودة بالمتاحف الفرعونية هي من ألياف الكتان ويزرع حاليا في مصر كمحصول ألياف ثنائي الغرض، ويستخرج الألياف اللحائية من سيقانه في حين يستخرج الزيت الحار من بذوره.
وأضاف أنه في الوقت الحالي اتجه بعض تجار الكتان بمحافظة الغربية إلى زراعة المحصول في الأراضي الجديدة، خاصه بعد نجاح زراعته في الأراضي الزراعية بالنوبارية "القاهرة - إسكندرية الصحراوي"، حيث إن الظروف الجوية والبيئية هناك مناسبة لنمو الكتان، خاصة أن تلك المحصول يحتاج إلى جو شتوي بارد ملبد بالغيوم ورطوبة مرتفعة.
وردا على سؤال بشأن آليات النهوض بصناعة الكتان، أكد الدكتور أمجد عبدالعفار أنه يجب الاهتمام بإنشاء مزيد من المعاطن الحديثة والمصانع الخاصة بألياف الكتان مع الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، ما يؤدى إلى تشجيع المزارعين على زراعة محصول الكتان، خاصة في حالة توافر الدعم الفني اللازم لانتاج هذا المحصول من توصيات زراعية وتصنيعية مناسبة، إذ تبدأ عملية زراعة المحصول من خلال توافر التقاوي الموثوقة للألياف والتي يتم استيرادها من الخارج (بلجيكا و هولندا وبولندا وفرنسا)، وأن يتم ذلك تحت إشراف كامل لوزارة الزراعة، حيث يتم استيراد هذه الأصناف كبذور عادية لإجراء عمليه العصر لها وإنتاج الزيت الحار ثم يتم توجيهها لتصبح تقاوي لزراعة الكتان، ما يساعد على زيادة قدرتها الإنتاجية.
وأكد الجمال، أن الكتان يعتبر أحد أهم الموارد الرئيسية لتوفير العملة الصعبة في مصر من خلال تصديره إلى الخارج، لافتا إلى أن الصين على رأس الدول المستوردة في السوق العالمي للكتان المصري، بعد تصنيعه نظرا لجودته العالية.