كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن مسودة اتفاق تاريخي يهدف إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مما يمثّل تطورًا هامًا في مسار الصراع القائم. تتضمن المسودة خطة من 3 مراحل تمتد كل منها على مدار 42 يومًا، بهدف تحقيق وقف شامل للعمليات العسكرية وإطلاق سراح المحتجزين من الجانبين، إلى جانب وضع برنامج متكامل لإعادة إعمار القطاع.
المرحلة الأولى: انسحاب تدريجي وعودة النازحين
وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، تبدأ المرحلة الأولى بتعليق مؤقت للعمليات العسكرية من الطرفين، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان نحو الشرق. وتشهد هذه المرحلة تقليص النشاط الجوي العسكري والاستطلاعي إلى 10 ساعات يوميًا، وترتفع إلى 12 ساعة في الأيام التي تُنفذ فيها عمليات إطلاق سراح المحتجزين، بهدف تعزيز الثقة بين الطرفين.
تتضمن هذه المرحلة أيضًا خطة شاملة لعودة النازحين إلى ديارهم، تبدأ في اليوم السابع بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من شارع الرشيد شرقًا إلى شارع صلاح الدين. ويتزامن ذلك مع تدفق كبير للمساعدات الإنسانية بمعدل 600 شاحنة يوميًا، منها 50 شاحنة وقود، مع تخصيص نصف هذه المساعدات لشمال القطاع الذي تعرض لدمار واسع النطاق.
عملية تبادل المحتجزين
تشير المسودة إلى آلية تفصيلية لتبادل المحتجزين والأسرى خلال المرحلة الأولى. تشمل الخطة إطلاق سراح 33 محتجزًا إسرائيليًا وفق معايير إنسانية تضع أولوية للنساء والأطفال وكبار السن والمرضى. في المقابل، تلتزم إسرائيل بإطلاق سراح 30 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كل محتجز مدني و50 أسيرًا مقابل كل مجندة إسرائيلية.
تحدد الآلية جدولًا زمنيًا دقيقًا يبدأ بإطلاق سراح ثلاثة محتجزين في اليوم الأول، ثم أربعة في اليوم السابع، يليهم ثلاثة محتجزين كل سبعة أيام. يُشترط في الاتفاق إطلاق سراح جميع المحتجزين الأحياء قبل تسليم الجثث، مع ضمانات بعدم إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين على نفس التهم السابقة.
المرحلة الثانية والثالثة: نحو سلام مستدام وإعادة الإعمار
تنتقل المرحلة الثانية إلى تعزيز وقف إطلاق النار المؤقت وتحويله إلى هدوء دائم. تشمل هذه المرحلة وقفًا دائمًا للعمليات العسكرية والأنشطة العدائية، مع إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين المتبقين، بمن فيهم الجنود، مقابل الإفراج عن عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين. كما تتضمن انسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
أما المرحلة الثالثة، فتركز على معالجة التداعيات الإنسانية للصراع وإعادة إعمار القطاع. تتضمن تبادل رفات القتلى من الجانبين، مع تنفيذ خطة طموحة لإعادة بناء المنازل والمنشآت المدنية والبنية التحتية على مدى 3 إلى 5 سنوات. يشمل ذلك تعويض المتضررين تحت إشراف دولي من قبل مصر وقطر والأمم المتحدة.
رؤية مستقبلية وضمانات دولية
يضع الاتفاق إطارًا شاملًا لتحقيق السلام المستدام في غزة، مع ضمانات دولية من مصر وقطر والولايات المتحدة. تنص المسودة على التزامات واضحة بفتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، مع استمرار عمل المنظمات الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء القطاع.
وتخصص الاتفاقية اهتمامًا خاصًا بتوفير المأوى للنازحين من خلال إنشاء ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية مؤقتة و200 ألف خيمة. كما تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات، إلى جانب إدخال المعدات اللازمة للدفاع المدني وإزالة الأنقاض.
تصريحات أمريكية وتطورات دبلوماسية
في تطور لافت، صرح جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، لوكالة بلومبرج نيوز، بأن إدارة الرئيس جو بايدن ترى إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة خلال هذا الأسبوع. تأتي هذه التصريحات لتؤكد الجهود الدولية المتواصلة لتحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الصراع.
يعكس هذا الاتفاق، الذي كشفت تفاصيله هيئة البث الإسرائيلية، خطوة جادة نحو إنهاء معاناة المدنيين وتحقيق الاستقرار في غزة. إذا نجح تنفيذه، قد يصبح نموذجًا للتسويات المستقبلية في النزاعات الطويلة، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي.