تشهد ولاية كاليفورنيا كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة مع استمرار حرائق الغابات المدمرة، التي اندلعت منذ أيام وأدت إلى خسائر مادية وبشرية جسيمة.
وهذه الحرائق، التي وصفت بأنها أشبه بمشاهد سينمائية هوليوودية، طالت مناطق واسعة من مدينة لوس أنجلوس، مخلفةً وراءها منازل مدمرة وآلاف النازحين، وسط جهود مستمرة من رجال الإطفاء للسيطرة عليها.
ورغم استثمارات الولاية الضخمة في منظومات مكافحة الحرائق، تبرز تساؤلات عن أسباب الفشل في احتواء هذه الكارثة، التي تعكس تحديات بيئية معقدة وتخطيطًا عمرانيًا مليئًا بالثغرات.
استمرار الحرائق وأضرارها
تواصل فرق الإطفاء في كاليفورنيا محاولاتها للسيطرة على حرائق الغابات التي اندلعت منذ أيام، متسببةً في تدمير آلاف المنازل وإجلاء آلاف المواطنين، هذه الحرائق امتدت إلى أحياء ومقاطعات لوس أنجلوس، حيث دمرت ممتلكات بأكملها وأجبرت السكان على ترك منازلهم، ومع عودة البعض لرؤية ما تبقى من ممتلكاتهم، كانت الصدمة كبيرة أمام قوة النيران التي أحرقت كل شيء في طريقها.
ووسط هذه الكارثة، فرضت شرطة لوس أنجلوس حظر تجوال صارمًا، محذرة من تعرض المخالفين للاعتقال، مع استمرار الوضع المتأزم في المدينة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، تساءلت العديد من الجهات عن أسباب الفشل في احتواء الحرائق رغم الجهود المبذولة على مدار السنوات لتعزيز أنظمة مكافحة الحرائق.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام البيئي للوس أنجلوس، المليء بالغابات الكثيفة، يشهد حرائق غابات سنوية معتادة، ولكن هذه المرة، انتقلت النيران إلى المناطق السكنية، مما تسبب في مقتل 11 شخصًا وتدمير آلاف المنازل.
ورغم أن قوانين الولاية تتطلب من سكان المناطق المعرضة للخطر إنشاء مناطق عازلة خالية من النباتات حول منازلهم، فإن الالتزام بهذه القوانين كان متفاوتًا، مما ساهم في تفاقم الكارثة.
وصرّح تيموثي إنجالسبي، المدير التنفيذي لمؤسسة فاير فايتر يونيتد فور سيفتي، إيثيكس أند إيكولوجي، بأن عيوب التخطيط العمراني كانت عاملًا رئيسيًا في تفاقم الكارثة. فالمجتمعات المتضررة، مثل ألتا دينا وباكيفيك باليسيدز، تم بناؤها في سفوح الجبال التي تشهد حرائق متكررة، مع شوارع ضيقة ومتعرجة تعيق عمليات الإجلاء والدفاع، ومع تغير المناخ وزيادة درجات الحرارة والجفاف، أصبحت التلال مناطق خصبة لاندلاع حرائق أكبر وأكثر تدميرًا.
وأكد التقرير أن واحدة من الخطوات القليلة التي يمكن اتخاذها لتقليل خطر الحرائق هي إزالة النباتات والأشجار المحيطة بالمنازل. ورغم وجود قوانين تلزم سكان المناطق الخطرة بالحفاظ على "مساحات دفاعية" خالية من النباتات، فإن الالتزام كان ضعيفًا، الصور الجوية التي التقطت قبل الحرائق أظهرت منازل محاطة بمساحات خضراء كثيفة، خاصة في الأحياء الراقية التي يولي سكانها أهمية للخصوصية على حساب السلامة.
ومن بين العقبات الرئيسية التي واجهت جهود الإطفاء كان نظام المياه في لوس أنجلوس، الذي لم يصمم للتعامل مع حرائق متعددة وكبيرة في آنٍ واحد، وأدى الطلب الهائل على المياه إلى عجز في توفير الإمدادات اللازمة لإطفاء الحرائق، ورغم سباق رجال الإطفاء للسيطرة على النيران، فإن خزانات المياه وأنظمة الضخ لم تكن قادرة على تلبية احتياجات المدينة في ظل هذه الأزمة.
ومع استمرار الحرائق وغياب السيطرة عليها، تُقدر الخسائر بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى النزوح الجماعي للسكان من المناطق المتضررة.
وبينما تتصدر الكارثة عناوين الصحف العالمية، يتساءل المواطنون والخبراء عن الجهود المستقبلية لتحسين التخطيط العمراني وتعزيز أنظمة مكافحة الحرائق في ظل تغير المناخ المستمر.