داخل قرية صغيرة بمركز جرجا جنوب محافظة سوهاج، كانت الحياة تبدو عادية، لكن خلف الأبواب المغلقة كانت هناك خلافات تتراكم، كالجمر تحت الرماد.
تلك الخلافات التي انتهت بليلة حزينة، عندما تحول بيت مزارع بسيط إلى ساحة لحريق أتي على ذكريات سنوات من الجيرة.
عباده، المزارع الستيني، عاش في هذا البيت لعقود، شاهداً على تقلبات الحياة، بين أفراح وأحزان، لكن ما لم يتوقعه يومًا هو أن يصبح بيته الذي بناه بعرق السنين عرضة للنيران، بسبب خلافات صغيرة مع جيرانه.
بدأت القصة عندما شب حريق بالطابق الأرضي لمنزل عباده، التهمت النيران ما تبقى من فرحته البسيطة ثلاجة قديمة كانت تحفظ القليل من طعامه، وتليفزيون كان يسليه في وحدته.
نيران الجيرة
النيران لم تأخذ فقط مقتنياته، بل أخذت معه إحساسه بالأمان، حين اكتشف أن من أشعل النار ليس سوى جيرانه الذين عرفهم لسنوات طويلة.
الخلاف كان بسيطًا في ظاهره؛ نزاعات على الجيرة، تلك المشكلات التي تكررت لكنها لم تحل، عباده لم يكن يعلم أن قطعة قماش مشتعلة ستلقي بظلالها الثقيلة على حياته، لتشعل النار في منزله وقلبه معًا.
لم يستطع عباده أن يواجه الجيران إلا بدموع الحزن والخذلان، فكيف لمن عرفهم يومًا كأهل وأصدقاء أن يتحولوا إلى سبب كابوسه؟ مع وصول رجال الشرطة، ومعرفة الحقيقة من اعترافات المتهمين، لم تتوقف دموعه، فالحريق لم ينتهِ بإطفاء النيران، بل بقيت النار مشتعلة في صدره.
الواقعة لم تكن مجرد حريق عادي، بل صرخة توجع من قلب رجل فقد ثقته في أقرب الناس إليه، ليبقى السؤال الذي يؤرقه: "لماذا وصلنا إلى هذا الحد؟"، بينما يبقى البيت شاهداً صامتًا على مأساة تجاوزت حدود الخلافات البسيطة لتدمر الروابط الإنسانية.