تواصلت حلقات الموسم الحادي عشر من برنامج «أمير الشعراء» الذي تنتجه هيئة أبوظبي للتراث، حيث بثت من مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي عبر قناتي «أبوظبي» و«بينونة» الحلقة المباشرة الثانية بمشاركة الشعراء جبريل آدم جبريل من تشاد، وعبدالرحمن الحميري من الإمارات، وعبدالسلام سعيد أبو حجر من ليبيا، ومي عيسى رومية من سوريا.
حضر الحلقة كيدلا يونس حامدي سفير جمهورية تشاد بالإمارات، و مصطفى سالم الغول الوزير المفوض القائم بالأعمال في السفارة الليبية، و أردان أحمد محمد قنصل عام جمهورية تشاد في دبي، والدكتور سلطان العميمي المدير التنفيذي لقطاع الشعر والموروث بالإنابة في هيئة أبوظبي للتراث، وعبيد خلفان المزروعي المدير التنفيذي لقطاع المهرجانات والفعاليات في الهيئة بالإنابة، وأعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج الدكتور محمد أبو الفضل بدران، والدكتور عماد خلف، والشاعر رعد بندر، وجمهور من الشعراء والإعلاميين والأدباء والمثقفين ومحبي الشعر.
وألقى الشعراء الأربعة قصائدهم أمام لجنة التحكيم المكونة من الدكتور علي بن تميم، والدكتور وهب رومية، والدكتور محمد حجو، وأعلنت اللجنة تأهل الشاعر عبدالرحمن الحميري من الإمارات بحصوله على 46 من 50 درجة، والشاعر عبدالسلام سعيد أبو حجر من ليبيا الحاصل على 45 درجة من 50، فيما حصل جبريل آدم جبريل من تشاد على 40 درجة، ومي عيسى رومية على 38 درجة، وسيحسم تصويت الجمهور خلال هذا الأسبوع تأهل أحدهما إلى المرحلة التالية.
وكانت نتيجة تصويت الجمهور في الحلقة الأولى قد أعلنت تأهل الشاعر محمد إدريس من العراق بحصوله على مجموع 78 نقطة من 100، ليلحق بركب المتأهلين إلى المرحلة التالية من البرنامج رفقة الشاعرين يزن عيسى من سوريا، وعبدالواحد عمران من اليمن اللذين تأهلا بقرار لجنة التحكيم في الحلقة الماضية.
وكان أول شعراء الأمسية الثانية جبريل آدم جبريل من تشاد بقصيدته «غَرِيبٌ يَكْتَسِي بِالضَّوْءِ» التي وصفها الدكتور علي بن تميم بأنها تحمل روح الشعر المهجري لاسيما في ثنائياتها المتضادة، مشيراً إلى أنها قصيدة دائرية «انهزم فيها الشاعر وانتصر فيها الناظم».
وقال الدكتور محمد حجو إن فكرة القصيدة «جميلة وملهمة»، وتعبر عن تجليات ونورانية العقل والروح المتطلعة إلى الأمل، لكنه نوه إلى أن لغة القصيدة تعاني أحياناً من بعض التعثر بسبب المباشرة في التعبير، لكن معانيها قوية في عديد من الأبيات.
الدكتور وهب رومية من جهته أوضح أن الشاعر يعرض أحاسيسه في القصيدة على هيئة انبثاقات أو رؤى حلمية متفرقة، وقال إن في القصيدة رموزاً شفافة قريبة وتناصاً قرآنياً متنامياً، وصوراً شعرية جميلة، لكنه أبدى تحفظه على بعض التعبيرات فيها.
الشاعر الثاني كان عبدالرحمن الحميري من الإمارات وجاءت قصيدته بعنوان «الغارُ والبَيت»، قال عنها الدكتور محمد حجو إن معمارها متماسك البناء والحبكة، وكأن فكرتها وضعت في قالب هندسي يسمح لها بالنمو الدرامي، مشيراً إلى أن لغة القصيدة واضحة وموضوعها شفيف من دون مباشرة فجة، وهو ما وصفه بـ «الذكاء اللغوي» للشاعر.
فيما أوضح الدكتور وهب رومية أن القصيدة تحقق وظيفتين من وظائف الشعر، هما أنسنة الطبيعة، وربط الذات الفردية بالذات الاجتماعية ومداواة جراحها، وأشاد بتميز نسيج القصيدة بظاهرة التحول الأسلوبي، وبالصور المبتكرة فيها.
الدكتور علي بن تميم قال إن القصيدة تقوم على وصف تحولات الشعراء، مشيراً إلى أنها مثل الشعر الرومانسي تمارس عملية القلب الدلالي، وأشار إلى أنه لفتته الاستدعاءات الثقافية والتراثية والدينية فيها، ووصفها بأنها تطرح سؤالاً مهماً بصورة شعرية.
ثالث شعراء الأمسية عبد السلام سعيد أبوحجر من ليبيا ألقى قصيدته «تناصّ مع المعرّيّ» التي أشاد بها الدكتور وهب رومية وقال إنها «غامضة غموضاً بواحاً» يسمح بالتأويل وتعدد المعاني، مشيراً إلى أن هناك سرداً شعرياً متدفقاً فيها.
من جهته قال الدكتور علي بن تميم إن الشاعر أبدع في القصيدة، لكنه ظلمها باختياره العنوان الذي أغلق فضاءاتها وقيد أفق القارئ، مشيداً باختيار قافية القصيدة التي قال إنه لا يكتب عليها إلا شاعر.
أما الدكتور محمد حجو فأشار إلى أن القصيدة تعطي ندفاً من التجربة الشعورية للمعري، أي اهتماماته الفكرية والجمالية والفنية، وهو ما يتضح في ثيمات القصيدة التي يوجد مثلها في شعر المعري.
آخر شعراء الليلة كانت الشاعرة مي عيسى رومية من سوريا، وألقت قصيدتها «سَحابَةُ ضَيْم» التي وصفها الدكتور علي بن تميم بأنها شكوى من لحظة مثقلة بالألم، وأن فيها قدراً من الوضوح جعل النص بمثابة اعتراف وعرض حال، لكنه ذهب إلى أن الشكوى كان فيها شيء من المبالغة، كما هبطت لحظة الانفراج في البيت الأخير على النص مباشرة.
الدكتور محمد حجو أضاء على عدة جوانب في القصيدة، التي أشار إلى أنها جمعت بين الأمل واليأس، وكأن الذات الشاعرة لا تقوى على اصطياد المعاني المفرحة في الحياة.
وقدم الدكتور وهب رومية قراءة سيميائية لعنوان القصيدة تفيد بأن الضيم عابر وسينقشع، وقال إن هذه هي رؤية القصيدة التي يختصرها عنوانها اختصاراً دقيقاً ووافياً، مشيراً إلي أن الشاعرة استطاعت المواءمة بين موسيقى كل قسم من أقسام القصيدة ومضمونه، وقال إن اللغة هي التي تصنع الشعر، والأحزان والبكائيات هي مادة الشعر ولا تصبح شعراً إلا إن مسها الإبداع اللغوي، منوهاً بأن المجاز هو عالم الشعر، لكن نصيب القصيدة منه كان قليلاً في قسمها الأول، وتحسن في بقيتها.
وعرضت خلال الحلقة تقارير تحدث فيها المشاركون عن الشعراء الذين تأثروا بهم وتركوا بصمة على مسيرتهم الشعرية، حيث تحدث الشاعر عبدالرحمن الحميري عن تأثره بالشاعر الإماراتي سعيد بن عتيج الهاملي (1875-1919م) الذي وصفه بأنه كنز لم يكتشف كاملاً بعد.
فيما تحدث الشاعر جبريل آدم جبريل عن الشاعر التشادي عبدالدائم عبدالله الشعراني، الذي أشار إلى تأثره بقصائده في بداياته، فيما اختار الشاعر الليبي عبد السلام سعيد أبوحجر الحديث عن الشاعر أحمد عمران بن سليم الذي قال إنه من أوائل الناس الذين تبنوه شعرياً، وأوضحت الشاعرة مي عيسى رومية أن الشاعر السوري عبدالباسط الصوفي (1931-1960م) هو من الشعراء الذين تأثرت بهم تجربتها الشعرية منوهة بمقولته إن الشعر الحقيقي هو نجوى وليس خطاباً.
واستضافت الحلقة الفنانة عبير نعمة التي تغنت بقصيدة «همتُ بظبيٍ جَفلا» من أشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وهي معارضة من سموه لقصيدة ابن عبد ربه الأندلسي «أعطيته ما سألا»، كما تغنت بقصيدة «غني قليلاً يا عصافير» من أشعار جوزيف حرب.
قدم الحلقة الإعلامي نيشان، وواكبت الشعراء في الكواليس الإعلامية فاطمة بنت ظافر الأحبابي.
يذكر أن آلية التنافس في هذه المرحلة من «أمير الشعراء» تتكون من خمس حلقات، يتنافس في كل منها أربعة شعراء تمنحهم لجنة التحكيم الدرجات بنسبة 50%، وتؤهل اللجنة شاعراً واحداً أو شاعرين مباشرةً إلى المرحلة التالية من المنافسة، وللمشاهدين أحقية التصويت بنسبة 50% التي تخوّلهم اختيار شعرائهم المفضّلين من المتبقين في كل أمسية، وفي الحلقة التالية يتأهل شاعر أو اثنان بأعلى نسبة تصويت من المشاهدين، وفي نهاية هذه المرحلة يتأهل خمسة عشر شاعراً.