تواصل مصر مساعيها الحثيثة لوقف التصعيد في سوريا، حيث أجرى وزير خارجيتها بدر عبدالعاطي، اتصالات مكثفة مع عدد من وزراء خارجية دول المنطقة لبحث تطورات الاوضاع في سوريا.
الاوضاع في سوريا
من جانبه، أشاد سلمان شبيب، رئيس حزب “سوريا أولاً”، بالدور المصري المتزايد في دعم سوريا خلال الظروف الراهنة، معتبرًا أن الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيره السوري فيصل المقداد يعكس موقفًا مصريًا واضحًا إلى جانب الدولة السورية في مواجهة التحديات المتصاعدة في شمال البلاد.
وأشار شبيب لـ صدى البلد، أن هذا الاتصال لا يُعد مجرد خطوة دبلوماسية تقليدية، بل يحمل دلالات على إمكانية تحرك عربي أوسع لدعم سوريا على الصعيدين السياسي والإنساني، خاصة مع تصاعد المخاطر الإقليمية التي تهدد استقرار المنطقة ككل، موضحا أن التحرك المصري يمكن أن يشكل حجر الزاوية في استعادة زخم الدور العربي لدعم سوريا، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى مواقف عربية موحدة لمواجهة التدخلات الإقليمية والدولية التي تؤثر على سيادة سوريا وأمنها.
وأضاف شبيب أن الموقف المصري يأتي في توقيت حساس للغاية، حيث يواجه الجيش السوري ضغوطًا كبيرة نتيجة هجوم الفصائل المسلحة المدعومة إقليميًا ودوليًا، مما يعقّد المعركة ويضع البلاد أمام تحديات استراتيجية خطيرة.
وأوضح شبيب أن دعم مصر لسوريا يعكس موقفًا ثابتًا نابعًا من إدراك القاهرة لأهمية الحفاظ على وحدة واستقرار الدولة السورية، ليس فقط لما تمثله من عمق استراتيجي في المنطقة، ولكن أيضًا لأن استقرار سوريا يُعد ركيزة أساسية لاستقرار العالم العربي بأسره، مؤكدا أن الاتصال الأخير يُمكن أن يكون بداية لتنسيق عربي أشمل، قد يشمل دعمًا سياسيًا واقتصاديًا، وربما مبادرات لحل الأزمة السورية من منظور عربي بعيدًا عن الضغوط الإقليمية والدولية التي تزيد من تعقيد المشهد.
ولفت إلى أن مثل هذا التحرك المصري يُمكن أن يشجع الدول العربية الأخرى على اتخاذ مواقف مشابهة، مما يسهم في تعزيز الحضور العربي في القضايا الإقليمية، ويعيد توجيه البوصلة نحو تعزيز الاستقلالية العربية في التعامل مع الأزمات.
أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة المصري، موقف مصر الثابت الداعم لأمن واستقرار ووحدة الأراضي السورية وسيادتها على أراضيها، وأهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية للحيلولة دون مزيد من التصعيد وانزلاق الأوضاع إلى منعطفات خطيرة، تهدد أمان ومستقبل الشعب السوري.
جاء ذلك خلال عدة اتصالات هاتفية، أجراها وزير الخارجية لمصري، اليوم، مع كل من محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر، ومع نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق الدكتور فؤاد حسين، ومع جير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلي سوريا، بحثت التطورات في سوريا الشقيقة على ضوء تلاحق الأوضاع الميدانية على الأرض في سوريا.
وصرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أن "عبد العاطي" دعا -في هذا الصدد- القوى الدولية الي التعامل مع الموقف بصورة تعلي مصالح عموم الشعب السوري وتحفظ مقدراته ووحدته، وبما يسمح بعودة الاستقرار على كامل الأراضي السورية وتغليب النهج السياسي بما يضع حدًا نهائيًا لمعاناة الشعب السوري الشقيق.
أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في محادثات مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مساء الجمعة، على ضرورة دخول النظام السوري في حوار مع المعارضة «التنظيمات الإرهابية» وبدء عملية سياسية، بحسب معلومات وردت من مصدر في وزارة الخارجية.
وقال مصدر لوكالة رويترز إن فيدان قال في المكالمة الهاتفية إن جميع الأطراف في المنطقة يجب أن تلعب دورا بناء وأنه لا ينبغي السماح للمنظمات الإرهابية بالاستفادة من البيئة الفوضوية في سوريا.
ونقل عن فيدان أيضا زعمه أنه يجب اتخاذ تدابير لمنع الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها نظام بشار الأسد من أن تصبح خطرا على المنطقة وأنه من المهم أن تصل المساعدات الإنسانية إلى المنطقة.
بالتزامن مع هذه الجهود الدبلوماسية، تسعى مصر إلى حشد الدعم المكثف لمبادئ التسوية السياسية، التى تضمن احترام السيادة الوطنية لسوريا، وتؤدى إلى تحقيق استقرار طويل الأمد، من خلال المشاركة فى عدة اجتماعات ونقاشات دولية حول الملف.
كان من بين القضايا الرئيسية التى تمت مناقشتها فى هذه الاجتماعات ضرورة إيجاد حل سياسى شامل ينهى الصراع الدائر منذ أكثر من عقد، ويعالج الأزمات الإنسانية التى تعصف بسوريا الشقيقة.
وحرصت مصر على تحقيق توازن فى مواقفها الدبلوماسية، فهى تدعم بشكل قوى المساعى السياسية الدولية الرامية إلى إيجاد تسوية. وتشدد فى نفس الوقت على ضرورة ألا تشمل الحلول الخارجية تدخلات فى الشئون الداخلية للدول ذات السيادة، مثلما يحدث فى سوريا.
ويعقد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى، بعد غدٍ الأحد، اجتماعًا طارئًا لبحث الأوضاع فى سوريا.
يأتى هذا الاجتماع المرتقب بناءً على طلب من سوريا، لبحث الأحداث المتسارعة فى الشمال السورى، وما يحصل على الأرض وتداعياته.
وشاركت مصر فى الاجتماعات السابقة للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، التى ناقشت تطورات الوضع فى سوريا بشكل مستفيض. وفى هذه الاجتماعات، طالبت مصر بضرورة الاستمرار فى جهود تعزيز الحلول السلمية من خلال المفاوضات السياسية بين جميع الأطراف السورية.
وتشير مصر دائمًا إلى دور الجامعة العربية كمظلة للتعاون بين الدول العربية فى معالجة الأزمات الإقليمية، فى إطار سعيها إلى تعزيز المواقف العربية المشتركة لدعم الحل السياسى فى سوريا، بعيدًا عن أى تدخلات خارجية.
وتحرص مصر بشكل مستمر على تأكيد أهمية العودة إلى الحلول السياسية التى تقوم على أساس القرار ٢٢٥٤ الصادر عن مجلس الأمن الدولى، الذى يدعو إلى وقف إطلاق النار، والتفاوض بين النظام والمعارضة السورية.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، على أن مصر مستمرة فى دعمها الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية وشعبها الشقيق.