قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

كريمة أبو العينين تكتب: كن قنقدا تعيش انسانا

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين
×

فى محاولة لايجاد تفسيرات للمشاكل الاجتماعية التى نعيشها ونلتقط بعض تفاصيلها من الاعلام ووسائل التواصل ؛ بل ومن تجاربنا وتجارب اصدقاءنا وجيراننا ، وفى خضم هذه الحياة المرهقة نفسيا وجدت تفسيرا وربما حلا ساقه الينا الفيلسوف الالماني شوبنهاور  فى نظريته الفلسفية والتى تندرج تحت مسمى "مُعضلة القنفذ " في تحليل العلاقات الإنسانية. 

فى هذه النظرية الفارقة فى نتائجها يقول لنا الفيلسوف العالمى  ان القنفذ عندما يشعر بالبرد في فصل الشتاء يقترب من أبناء جنسه بحثا عن الدفء فتؤلمه أشواكهم ، وتؤلمهم أشواكه في نفس الوقت ، لان الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عملية  اقترابه  من أبناء جنسه صعبه ومؤلمة ،  لأنهم كلّما اقتربوا من بعضهم البعض  فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم ، فيقرّرون الإبتعاد عن بعضهم البعض ، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا .

يقول شوبنهاور انه من الناحية النظرية  القنفذ وجد حلاً لهذه القضية ، واستحدث طريقة بسيطة ناجحة ، وهي عملية سماها شوبنهار ( المسافة الآمنة ) وفيها يختار القنفذ مسافة معينة من السلامة ، مجرد  مسافة تضمن له الدفء الكافي ، وفي نفس الوقت  تحمل معها أقل درجة ممكنة من الألم او من احتكاك الاجساد ببعضها البعض وبشوكها بالطبع وماينتح عنه من ألم وانزعاج .تتبع الاديب العالمى القنفذ وخروجه بهذه النظرية لم تكن وليدة موقف ولكن لها تاريخ بدأ فى  سنة 1851  حينما تأمّل الفيلسوف الألماني شوبنهاور في موقف حيوان القنفذ واعتبره واحدة من معضلات الإنسان الإجتماعية النفسية ،وسماها : ( مُعضلة القنفذ )  Hedgehog's dilemma 

شوبنهاور طبق هذه النظرية على العلاقات الانسانية،  وأكد أن الإنسان الذى يشعر بالوحدة او الوحيد يحركه الاحساس  باحتياج شديد لأن يقترب من الناس ويتفاعل معهم ، وأنّ الوحدة تبقى قاسية جداً ومؤلمة بالنسبة للإنسان الطبيعي ( مثل البرد بالنسبة للقنفذ ) ، فيقرّر أن يفعل مثل القنفذ ويبحث عن أبناء جنسه ويلتصق بهم من أجل الدفء النفسي. 

ويستطرد شوبنهاور بالقول ان المشكلة تكمن فى ان التصاق هذا الانسان الوحيد وقربه  فى محاولة منه للبحث عن الامن ودفء المشاعر لن يكون مصدر سعادة وراحة على الدوام ، وإنما العكس ، قد يصبح  مصدر ألم وتعب ( لنفسه ولأقرانه ) ، وهنا تتولّد مشاعر سلبية كثيرة مثل الضغط النفسي والإحراج والفراق وغيرها. ويعمم الفيلسوف الالمانى نظريته  ويؤكد اوينصح ويقول حاول دائماً أن تُبقي بينك وبين الناس مسافة محددة للأمان ؛ للحفاظ على العلاقة في احسن أحوالها ، فلا هي بعيدة حد العزلة ، ولا هي قريبة حد الاندماج والتدخل في الشؤون الخاصة.

 والتجارب تؤكد أن أفضل العلاقات وأنفعها وانجحها  وأكثرها استمرارا وبقاء  هي المبنية على الاحترام المتبادل ضمن حدود لا يتجاوزها كلا الطرفان.المساحة او المسافة الآمنة تجعل منك كائن حر الحركة قليل الضرر ، عزيزا على من تعرفه لأنك وضعت نفسك فى مرحلة لاضرر ولاضرار . 

أن تكون قنفذا فذلك يعنى لك العيش فى امان وبعيدا عن الاذى المجتمعى والارهاق العاطفى . ان تعيش قنفدا فهذا يعنى انك لاتحتاج كل الاحتياج لكل من حولك ولكنك تستطيع ان تتأقلم وتؤقلم من تربطك بهم مشاعر وتجمعك معهم مطالب . ان تكون قنفذا يعنى ان ينبت لك شوكا تحمى به نفسك بالدرجة الاولى وتستخدمه لايذاء من يسعون للنيل منك والايقاع بك فى بقعة الوحدة والعزلة والحزن والتخبط الشعوري . 

ان تكون قنفذا فهذا يعنى انك اخترت مكانا تعيش فيه وتختار فى نفس المكان من يشاركونك بلا اذى فقط يكون معك من يجعلك دافئا عاطفيا ، هادئا نفسيا قادرا على مواجهة برد الشتاء وبرودة الحياة . ان تكون قنفذا فذلك يعنى ان المسافة الإمنة تضمن لك استقرارا عاطفيا وقدرة على مواصلة فصول العمر بطريقة دعنى اعيش مبتسما بقدر ماأمنحك من سعادة واستقرار . ان تعيش قنفذا فذلك يضمن لك ان تبقى انسانا !!