تناولت دار الإفتاء العديد من الأحكام المتعلقة بالجنابة وطريقة التعامل مع آثارها وفقًا لما اتفق عليه جمهور الفقهاء.
الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى، أوضح أن سائل الجنابة يعد محل خلاف بين الفقهاء؛ حيث يرى بعضهم أنه طاهر، بينما يرى آخرون أنه نجس، مشيرًا إلى أن الشافعية يرون طهارته، وبالتالي لا يوجب تغيير الثوب الذي أصابه السائل المنوي .
وأضاف عبد السميع أن النبي –صلى الله عليه وسلم– أمر في بعض الروايات بغسل الثوب الذي أصابته الجنابة، وفي روايات أخرى اكتفى بفركه، مما يعني أن تغيير الملابس ليس واجبًا طالما تم تنظيف الموضع الذي أصابه السائل.
هل يجب الوضوء قبل الغسل من الجنابة
في سياق آخر، تناول الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، مسألة الوضوء قبل الغسل من الجنابة، مؤكدًا أنه مستحب وليس واجبًا.
وأشار إلى أن الاقتصار على الغسل فقط يجزئ لرفع الحدث الأكبر، ويصح معه أداء الصلاة ما لم يحدث ما ينقض الوضوء، وفقًا لما هو متبع عند المالكية.
وأوضح عاشور أن اتباع السُّنة النبوية في الوضوء قبل الغسل يعد أفضل وأكمل، لكنه ليس شرطًا لصحة الغسل أو الصلاة بعده.
تأخير الغسل وعلاقته بالملائكة
من جانبه، شدد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على أن تأخير غسل الجنابة حتى يترتب عليه تأخير الصلاة عن وقتها يعد إثمًا شرعيًا.
ودعا إلى المسارعة في الاغتسال تجنبًا لابتعاد ملائكة الرحمة والبركة عن المكان الذي يوجد فيه الجنب.
واستشهد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب ولا جنب"، مما يدل على أهمية الطهارة ورفع الحدث.
طريقة الاغتسال من الجنابة
أما عن صفة الغسل المثلى، فقد نقلت دار الإفتاء عن كتب الفقه صفة الغسل الكامل كما رواها الشيخ النفراوي، مشيرًا إلى أهمية غسل اليدين أولًا ثلاث مرات بنية سنة الغسل، ثم غسل الفرج بنية رفع الحدث الأكبر، ثم الوضوء الكامل بما في ذلك المضمضة والاستنشاق.
بعد ذلك، يُغسل الرأس ثلاث مرات، ثم يُعمم الماء على الجسد بالكامل، مع التأكيد على أن هذا الغسل يغني عن الوضوء إذا لم يحدث ما ينقضه.
وفي توضيح آخر، استندت دار الإفتاء إلى حديث السيدة عائشة –رضي الله عنها– التي ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ بعد الغسل، معتبرةً أن الغسل أعم وأشمل من الوضوء.
ختامًا، دعت دار الإفتاء المصرية إلى الالتزام بالأحكام الشرعية المتعلقة بالطهارة والاغتسال، مع توضيح أن المسارعة في رفع الحدث الأكبر لا تتعلق فقط بالجانب الشرعي، وإنما تسهم أيضًا في تحسين الحالة النفسية والروحية، مشيرةً إلى أن الالتزام بالسُّنة النبوية في الطهارة يُعد من مكارم الأخلاق التي حث عليها الإسلام.