بدأت صباح اليوم الأربعاء، جلسات المؤتمر الثامن والأربعين لقادة الشرطة والأمن العرب المنعقد بمقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجمهورية التونسية بحضور كل من خالد النوري، وزير الداخلية في الجمهورية التونسية واللواء محمد جاسم السليطي، المدير العام للأمن العام في دولة قطر رئيس المؤتمر واللواء د.أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) وفالديسي أوركيزا، الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) ورؤساء وأعضاء الوفود والسفراء .
وخلال فعاليات المؤتمر ألقى الدكتور محمد بن على كومان الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب كلمة جاء فيها :- يشرفني يسعدني أن أرحب بكم في قبلة الأمن العربي، تونس العزيزة التي تحيط مجلس وزراء الداخلية العرب بكل الرعاية وكامل العناية، ويشرفني بداية أن أرفع إلى الرئيس قيس سعيِّد حفظه الله، جزيل الشكر والعرفان لدعمه الكريم للتعاون الأمني العربي، مقدرا كل التقدير تفضل بوضع هذا المؤتمر تحت رعايته السامية.
ويشرفني كذلك أن أتقدم إليكم معالي الوزير وإلى معاونيكم كافة بخالص الشكر والتقدير على العناية الكبيرة التي تولونها للأمانة العامة للمجلس وأنشطتها المختلفة، معربا عن امتناننا العميق لتفضلكم بحضور حفل افتتاح هذا المؤتمر ومباركة أعماله.
والشكر موصول إلى مراد سعيدان، المدير العام للأمن الوطني وإلى سائر القائمين على المصالح الأمنية التونسية على الإمكانيات الكبيرة التي تم تسخيرها من أجل راحة وطمأنينة المشاركين.
ويُسعدني أن أرحب بكل من اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) وفالديسي أوركيزا، الأمين العام للمنظمة اللذين يشكل حضورهما معنا اليوم دليلا على متانة العلاقة بين الإنتربول ومجلس وزراء الداخلية العرب.
كما يسعدني الترحيب بممثلي الهيئات المعنية بالشأن الأمني في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، شركائنا في مكافحة الجريمة.
ويشرفني في هذا المقام أن أتوجه بأنبل عبارات الشكر والعرفان إلى وزراء الداخلية العرب، لدعمهم السخي والمستمر للعمل الأمني العربي المشترك.
تجتمعون اليوم في مؤتمركم الثامن والأربعين والعالم العربي يواجه تحديات أمنية دقيقة تستوجب منا جميعا السهر على تعزيز العمل المشترك لمواجهتها بكل فعالية.
وتأتي في مقدمة هذه التحديات معضلة المخدرات التي تشكل آفة مستعصية تعرض حياة الناس وصحتهم للخطر وتهدد منوال التنمية وتنخر اقتصاديات الدول بما يصاحبها من فساد وغسل للأموال وتعطيل للطاقة البشرية خاصة لدى الشباب.
وللأسف فإن بعض الدول الأجنبية لا تشاطرنا القلق الذي يساورنا بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، إذ انحسر في السنوات الأخيرة اهتمامها بمواجهة هذه المشكلة وتقلص الجهد الذي توليه لمكافحتها.
وفي ظل هذا الوضع ونظرا للاتجاه المتزايد لإباحة تعاطي بعض المواد المخدرة، كثفت دولنا العربية جهودها لمواجهة هذه الآفة، كما تجلى ذلك في عدة إجراءات اتُّخذت هذا العام.
فتنفيذا لقرار صادر عن الدورة قبل الماضية للمجلس بناء على اقتراح من المملكة العربية السعودية، تم هذا العام تشكيل لجنة لدراسة تعزيز جهود المجلس في الوقاية من المخدرات ومكافحتها، كما هو معروض على أنظاركم الكريمة ضمن البند الرابع من جدول الأعمال.
وشهد هذا العام كذلك عقد أول اجتماع لفريق العمل المعني بالتبادل الفوري للمعلومات بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي سيشكل آلية فعالة في تعزيز التقاسم الحيني للمعلومات حول شحنات المخدرات المرصودة وفي إصدار التحذيرات المبكرة بشأن تهريبها.
واعتمد مؤتمر رؤساء أجهزة مكافحة المخدرات هذا العام مشروعا طموحا تم وضعه بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لتعزيز قدرات أجهزة المجلس والدول الأعضاء على مواجهة مشكلة المخدرات خاصة الاصطناعية.
ونظمت الأمانة العامة إثر انعقاد هذا المؤتمر اجتماعا مشتركا مع ممثلي وزارات الصحة في الدول العربية كان مناسبة لتعزيز التعاون بين الجانبين وفرصة لمناقشة عدد من القضايا الهامة مثل وضع خطة للتعامل مع إساءة استعمال العقاقير الطبية والنفسية وتصور للإجراءات والضوابط الخاصة باصطحاب المسافرين للأدوية المخدرة والمراقبة إلى غير ذلك من القضايا ذات الصلة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
ولم يقتصر التعاون في مواجهة المخدرات على الصعيد العربي فقط بل تجاوز ذلك إلى المستويين الإقليمي والدولي.
ودعوني أثمن عالياً في هذا السياق مبادرة معالي الفريق أول ركن عبد الأمير كامل الشمري، وزير الداخلية في جمهورية العراق، بتنظيم مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات الذي بات مناسبة تجمع دول الجوار العراقي العربية والأجنبية لمناقشة تهديدات المخدرات وتداعياتها على المنطقة، مقدرا كل التقدير حرص الدول العربية كافة على حشد كل الطاقات وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى في هذا المجال.
وفي إطار هذا التعاون الإقليمي، بدأنا هذا العام التشاور مع مشروع الاتحاد الأوروبي الثاني لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، بشأن السبل الكفيلة بمواجهة التهديدات المشتركة المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
أما التحدي الثاني الذي أود الإشارة إليه فهو الجريمة الإلكترونية التي تزداد حدتها، في ظل الاعتماد المتزايد على نظم المعلومات في كافة المجالات والحيز الكبير الذي باتت تحتله مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية، وما تخلفه إساءة استخدامها من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار.
إن الاستخدام المتسارع للذكاء الاصطناعي يزيد من حدة هذه التحديات ويفرض على دولنا تكييف الممارسة الأمنية للتعامل مع تداعيات هذا الاستخدام.
وفي هذا السياق انعقد في نطاق الأمانة العامة هذا العام أول مؤتمر للمسؤولين عن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في الدول العربية كان من بين مواضيعه الأساسية مشروع خطة عربية لمواجهة الجرائم المرتكبة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
كما تم تخصيص اجتماع اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة لهذا العام لموضوع التداعيات الأمنية للذكاء الاصطناعي وسبل مواجهتها. ولا شك أن اختيار رئاسة المؤتمر لموضوع جرائم الاحتيال المالي الإلكتروني محورا لأعمالكم اليوم اختيار موفق نظرا لكونه يسمح بمناقشة أحد أنماط الجريمة الإلكترونية الأكثر خطورة. إلى جانب هذين التحديين، فإن دولنا العربية تواجه تهديدات أنماط أخرى من الجريمة المنظمة كالإرهاب والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ... التي تسهر أجهزتكم الموقرة بكل تفان وإخلاص على مواجهتها وتبذل التضحيات الجسام لتجنيب مجتمعاتنا آثارها الوخيمة.
يسعدني في الختام أن أجدد لكم ـ الوزير ـ امتناننا العميق لما تولونه لنا من عناية واهتمام، ولما توفره لنا وزارة الداخلية التونسية الرشيدة من رعاية فائقة ودعم موصول، مقدرا كل التقدير ما أُحيط به المشاركون من كريم الضيافة وبالغ الحفاوة مما سيكون له دون شك أثر كبير في نجاح المؤتمر. وفقكم الله جميعا وبارك في مساعيكم الخيرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.