أكد الدكتور سعيد عامر، الأمين المساعد السابق للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، خلال كلمته في ختام الأسبوع الدعوي الرابع المنعقد بجامعة الزقازيق، والذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، بعنوان «الإنسان والقيم في التصور الاسلامي»، أن الأم هي المدرسة الأولى للأولاد ولا بد من إعدادها إعدادا دقيقا لتحقق رسالتها في الحياة بتخريج جيل قوي قادر على تحقيق النهضة لمجتمعه، مضيفا أنه يجب علينا حماية المرأة من كل ما يستهدفها من حملات تستهدف غرس قيم غريبة على مجتمعاتنا، عبر حثها على التمسك بمنهج الله تعالى وعدم البعد عنه، فالبعد عن منهج الله هو أساس كل المشكلات، وفي التمسك به استقامة لحياتنا، لافتا أننا اليوم أصبحنا نفتقد قيمة الحوار والنقاش العائلي لانشغالنا بالإنترنت ومغريات الحياة المعاصرة، وعلى أمهاتنا اليوم الحذر من ذلك وأن يكونوا دائما في حوار وتواصل مع أبنائهم للتعرف على مشكلاتهم ومساعدتهم على حلها.
وأوضح أن الإسلام عقيدة وعبادة وأحكام، والأخلاق هي ثمرة كل ذلك، والأم هي المسؤولة عن غرس قيم الأخلاق في نفوس أولادها حتى ينشأوا قادرين على مجابهة ما يهدد مجتمعنا المعاصر من مشكلات وتحديات، محذرا الشباب من أن يغضبوا أمهاتهم، وأن يحذروا كل الحذر من ذلك، وأن في قصة جريج مع أمه العبرة حيث روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن " وكان جريج رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمُّه وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات"، فلا بد عليكم من إرضاء أمهاتكم.
وأكد أن تطبيقات السنة النبوية أكدت أن المرأة هي المسؤولة الاولى عن غرس القيم، مستشهدا بحديث المرأة التي نادت ولدها وقالت تعالى اعطك، فقال لها النبي ماذا أردت أن تعطيه،، قالت تمرة يا رسول الله ، قال لو لم تعطه تمرة لكتبت عليك كذبة..
من جهتها، قالت الدكتورة أماني هاشم، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالزقازيق، إن المرأة هي الأم والزوجة والراعية والمستشارة، وقد أولاها الإسلام مكانة عظيمة، كما احاطتها الشريعة الإسلامية بسياج من الحماية والرعاية، وخصها نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" بالتكريم وحسن المعاملة، ومن ذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف:" جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -يعني: صحبتي، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك"، فقدم لنا بذلك النموذج والقدوة في تكريم الأم بما أظهره من تقدير واحترام يليق بمكانتها.
وبينت عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية أن رسولنا "صلى الله عليه وسلم" قد علمنا أيضا احترام مكانة المراة زوجة وابنة، بحسن معاملته لبناته وزوجاته، والتأكيد على أن حسن معاملة الزوجة من معايير خيرية الرجال، مصداقا لقوله "صلى الله عليه وسلم": "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، لافتة أن المرأة لها دور مهم في تاريخنا كمستشارة، ومن أمثلة ذلك أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قد استشار زوجاته، وأخذ برأيهن في كثير من الأمور المهمة، ومن ذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: "أنه لما صالح قريشاً على الرجوع ، وعدم دخول مكة عامهم هذا ، قال لأصحابه : ( قُومُوا فَانْحَرُوا )، قال الراوي : " فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ . فلما فعل ذلك ، قاموا فنحروا "، في نموذج عملي لذلك، لافتة ان تاريخنا حافل بالكثير من النساء العظيمات مثل أمهات المؤمنين، وأسماء بنت ابي بكر، وأم عمارة وغيرهم الكثير في جميع المجالات.
من جهته، قال الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة الإسلاميَّة ، أنه بدون المرأة لن يكون هناك قيم في المجتمع، فهي الأم والحاضنة لهذا المجتمع، موضخا أن الغرب حين فشل في السيطرة علينا بقوة السلاح، بدأ في السيطرة علينا بالغزو الفكري والثقافي، والمرأة هي المستهدفة بتلك الهجمة الشرسة حتى يسهل ضرب المجتمع واستهدافه، وما نراه اليوم من حملات مكثفة باستخدام كل الأدوات للتاثير على المرأة وغرس قيم منافية لديننا في سلوكياتها نموذج حي على ذلك، فاصبحنا نرى محاكم الأسرة مليئة بحالات النزاع الأسري التي لم نسمع عنها من قبل.
وأضاف فضيلته أن تاريخنا مليء بالكثير من النماذج النسائية العظيمة التي يجب عليكن الاقتداء بهن، ولكم في الخنساء القدوة، حيث كانت الخنساء تحث أولادها على الجهاد دفاعا عن الإسلام، وقبل معركة القادسية جمعت أولادها الأربعة وحثتهم على القتال والجهاد في سبيل الله، وكانت لها موعظة لهم قبيل المعركة قالت: يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم، فأغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت ناراً على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة. وعندما بلغها نبأ استشهاد أولادها الأربعة، لم ينطق لسان الخنساء برثائهم وهم فلذات أكبادها، وإنما قالت برباطة جأش وعزيمة وثقة: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وإني أسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته.
وأكد فضيلته أن قيمة الحوار البناء من مهام المرأة القائدة مستشهدا بقصة بلقيس ملكة اليمن مع سيدنا سليمان عليه السلام، مضيفا أن استقرار الأسرة منوط بما تقدمه المرأة من نصائح لابنتها، وذكر فضيلته قصة المرأة العربية ووصيتها لابنتها ليلة زفافها... وطالب فضيلته الطالبات بألا ينخدعن بالدعوات الهدامة التي تريد أن تقضي على عفافهن وحشمتهن، وأكد فضيلته على أن المرأة الكذابة التي تشغلها مواقع التواصل الاجتماعي تخرج لنا طبيا كذابا،. ومهندسا كذابا، وقاضيا كذابا،، ومن هنا ينهار المجتمع بانهيار قيمه وأخلاقه، مستدلا بحديث الرسول ماذا أردت أن تعطيه؟ قالت تمرة، قال لو لم تعطه تمرة لكتبت عليك كذبه، واختتم حديثه بقول الشاعر ..
الام مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق.
حضر الندوة الدكتور عبدالله الطحاوي، عميد كلية التربية الرياضية بنين، الذي رحب بعلماء الأزهر، معربا عن سعادته بتواجدهم في رحاب الجامعة لتحصين شبابها من الفكر المتطرف، كما حضر الندوة لفيف من عمداء الكليات وأساتذة الجامعة وعلماء الأزهر الشريف، وأدار الندوة الأستاذ محمد الدياسطي عضو المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر.
تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الرابع، التي تستمر على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة الزقازيق، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمثل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.