في الساعات الأولى من يوم 3 ديسمبر 1984، استيقظ سكان مدينة بوبال الهندية على واحدة من أسوأ الكوارث الصناعية في التاريخ. فقد أدى تسرب غاز سام من مصنع تابع لشركة يونيون كاربايد الأمريكية إلى وفاة الآلاف وإصابة مئات الآلاف بأضرار صحية كارثية، لا تزال آثارها باقية حتى اليوم.
كيف بدأت الكارثة؟
كان مصنع يونيون كاربايد في بوبال مختصًا بإنتاج المبيدات الحشرية، واستخدم غاز الميثيل إيزوسيانات (MIC) كمادة أساسية في عملية الإنتاج. في تلك الليلة المشؤومة، تسببت سلسلة من الأخطاء التقنية والإدارية في تسرب كميات ضخمة من هذا الغاز السام.
أدى دخول الماء إلى خزان يحتوي على الغاز إلى تفاعل كيميائي عنيف، ما رفع الضغط داخل الخزان إلى مستويات خطيرة. انفجر الخزان، وانبعثت سحابة ضخمة من الغاز السام، اجتاحت المدينة وأصابت سكانها بالذعر.
الأثر البشري المدمر
تسببت الكارثة في وفاة أكثر من 3,000 شخص في الساعات الأولى فقط، بينما يُقدر عدد الوفيات الإجمالي نتيجة التعرض للغاز السام بأكثر من 25,000 شخص على مر السنين.
أصيب أكثر من نصف مليون شخص بأضرار صحية خطيرة، منها مشاكل تنفسية، وإصابات بالعمى، وأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي والأعصاب.
لا تزال المجتمعات المحيطة بالمصنع تعاني من آثار صحية وبيئية حتى اليوم، بما في ذلك زيادة معدلات السرطان والعيوب الخلقية.
البيئة الملوثة
بالإضافة إلى الخسائر البشرية، أدت الكارثة إلى تلوث واسع النطاق للتربة والمياه الجوفية. فحتى بعد عقود من الكارثة، لم يتم تنظيف المنطقة بالكامل، وما زال سكان بوبال يعانون من آثار التلوث.
المسئولية القانونية والأخلاقية
بعد الكارثة، أصبحت شركة يونيون كاربايد وشركتها الأم، داو كيميكال، هدفًا للانتقادات والاتهامات. وعلى الرغم من دفع تعويضات مالية بقيمة 470 مليون دولار للحكومة الهندية في عام 1989، إلا أن الكثيرين اعتبروا المبلغ غير كافٍ مقارنة بحجم الكارثة.
كما هرب المدير التنفيذي للشركة، وارين أندرسون، من الهند بعد إصدار مذكرة اعتقال بحقه، ولم يُحاسب حتى وفاته في عام 2014.
كشفت كارثة بوبال عن مخاطر الإهمال الصناعي وغياب معايير السلامة. دفعت الكارثة العالم إلى إعادة التفكير في أهمية تشديد الرقابة على الصناعات الكيميائية وتطبيق أنظمة سلامة أكثر صرامة. كما ألهمت العديد من الحركات الحقوقية والبيئية المطالبة بالعدالة للضحايا وتنظيف المنطقة الملوثة.