قال الدكتور عبد الفتاح درويش أستاذ علم النفس ووكيل كلية الأداب السابق، أن التكنولوجيا
أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية في العصر الحديث في ظل عصر العولمة.
خطوات فعالة للتوازن بين العالم التكنولوجي والعالم الواقعي
وتابع عبد الفتاح درويش في تصريح خاص لموقع "صدى البلد الإخباري، لقد أتاح التطور الرقمي فرصًا غير مسبوقة للتواصل والعمل والترفيه، حيث أصبح الإنترنت والموبايل والذكاء الاصطناعي جزءًا من كل ما نقوم به تقريبًا.
وبالتالي من خلال هذه الأدوات الرقمية، فقد أشار الدرويش، أنه يمكننا الوصول إلى معلومات لا حصر لها، والتواصل مع الناس في أي مكان وزمان، وإنجاز الأعمال بكفاءة أكبر.
ولكن مع هذه الفوائد الكبيرة، فقد أكد درويش، أنه ظهرت أيضًا تحديات تتطلب منا أن نكون واعين لكيفية استخدام التكنولوجيا في حياتنا للحفاظ على توازن صحي بين العالم الرقمي والعالم الواقعي.
وأشار، عبد الفتاح درويش إلى أن أحد أبرز التحديات التي نواجهها هو الانغماس المفرط في العالم الرقمي، والذي قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الشخصية بين الأفراد سواء بالأسرة أو العمل ..الخ ، وفقدان الاتصال بالواقع.
وأوضح درويش، أنه على الرغم من أننا نتمكن من التواصل مع العديد من الأشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا التواصل في كثير من الأحيان يفتقر إلى العمق والمصداقية التي توجد في التفاعلات المباشرة.
علاوة على ذلك، فقد أضاف درويش، أنه قد يؤثر الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية ( أجهزة الأتصالات) على صحتنا النفسية والجسدية، حيث يمكن أن يسبب القلق، الاكتئاب، قلة النوم، وزيادة مستويات التوتر.
وأستطرد درويش، أنه يمكن معالجة هذه المشكلة، عن طريق بناء مجموعة من العادات الصحية للحفاظ على التوازن بين حياتنا الرقمية والحقيقية، ولك عن طريق :
ـ تخصيص وقتًا محددًا للاستخدام التكنولوجي، وألا نسمح لهذه الأجهزة بأن تسيطر على وقتنا.
ـ تحديد وتنظيم أوقات معينة للتحقق من البريد الإلكتروني أو التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، مع الحرص على ألا تتداخل هذه الأنشطة مع الوقت المخصص للعمل أو العائلة.
ـ تولية الاهتمام الأكبر للعلاقات الواقعية، وعلي سبيل المثال : اللقاءات مع الأصدقاء والعائلة، والنشاطات الاجتماعية المباشرة، ضرورية للحفاظ على صحة علاقاتنا الشخصية؛ حيث يمكن القول أن هذه الأنشطة تساهم في تعزيز التواصل الوجداني، مما يجعلنا أقل عرضة للشعور بالعزلة التي قد يسببها الانغماس في التكنولوجيا.
ـ الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز حياتنا الواقعية، بدلاً من أن تكون بديلاً عنها، على سبيل المثال: يمكننا استخدام التطبيقات الصحية لمتابعة نشاطنا البدني، أو الاعتماد على منصات التعليم الإلكترونية لتعلم مهارات جديدة؛ حيث أنه يجب أن تكون التكنولوجيا أداة تساعدنا على تحسين نوعية حياتنا، وليس شيئًا يعزلنا عن العالم الحقيقي. كما يمكن أن تكون مفيدة في تسهيل الأعمال اليومية، مثل: إدارة الوقت أو تنظيم المهام، مما يمنحنا وقتًا أكثر للاحتكاك بالعالم المادي.
وأبرز درويش في حديثه، بأنه يمكن القول أن الأمر لا يقتصر علي فقط على التفاعل مع الأجهزة، بل يتطلب أيضًا تنظيم أولوياتنا بوعي، ولكي نحقق التوازن الصحيح، كما يجب أن نكون مدركين لتأثير الوسائل التكنولوجية على حياتنا بصفة عامة ، وأن نعرف متى نحتاج إلى التوقف عن استخدامها. فنحن بحاجة إلى "راحة رقمية" (فترة سكون) بين الحين والآخر لتجديد طاقتنا والعودة إلى الواقع بكل حواسنا.
كما يؤكد درويش ، علي أنه يمكن أن تشمل هذه الراحة قضاء وقت في الطبيعة، ممارسة الرياضة، أو حتى ممارسة الهوايات التي تتيح لنا الانفصال عن العالم الرقمي والتركيز على ما هو موجود في حياتنا الواقعية.
وأختتم درويش، أن تكنولوجيا اليوم توفر لنا إمكانيات لا حصر لها، ولكن الحفاظ على التوازن بين العالم الرقمي والعالم الواقعي يتطلب وعيًا مستمرا، والتدريب علي كيفية إدارة وقتنا بشكل حكيم، والتركيز على علاقاتنا الإنسانية، ومحاولة استخدام التكنولوجيا كأداة لتحسين حياتنا بدلاً من أن تصبح عبئا علينا، وبالتالي يمكننا أن نعيش حياة متوازنة ومرضية في هذا العصر الرقمي المعقد.