تمر اليوم الذكرى الـ99 على رحيل الأديب البولندي الإنجليزي الشهير جوزيف كونراد، الذي فارق الحياة في 3 أغسطس 1924.
ولد كونراد عام 1857 فيما يُعرف الآن بأوكرانيا البولندية، لأسرة مثقفة ومرتبطة بالنضال السياسي، إذ كان والده أديبًا مغمورًا وناشطًا. بعد وفاة والده، بدأ كونراد رحلته الطويلة نحو العالمية، حيث انتقل إلى فرنسا عام 1874 ليعمل في الملاحة، ومنها إلى إنجلترا حيث استمر في رحلاته البحرية حتى أصبح قائدًا بحريًا، وتعلم اللغة الإنجليزية التي كتب بها لاحقًا أبرز أعماله الأدبية.
رحلة الأدب من البحر إلى البر
ترك كونراد خلفه 13 رواية و28 قصة قصيرة، استوحى أغلبها من حياته كبحّار ومغامراته في البحار والمحيطات. كان للأشخاص الذين التقى بهم تأثير كبير على شخصيات رواياته، حيث استخدم أسماء حقيقية لعدة شخصيات. على سبيل المثال، استوحى شخصية “آلماير” في روايته الأولى “حماقة آلماير” من التاجر التاريخي ويليام تشارلز أولماير، الذي قابله عدة مرات في جزيرة بورنيو. كما استلهم شخصية القبطان مكوير في “إعصار”، والسيد لينجارد في “حماقة آلماير” و*“ظل الخط”*. حتى سفينة “نارسيسوس”، التي أبحر على متنها عام 1884، تحوّلت إلى مادة لروايته “زنجي نارسيسوس”.
الفيلسوف البحري والمستكشف الأدبي
عُرف كونراد بلقب “فيلسوف البحر”، إذ كان البحر محورًا رئيسيًا في حياته وأعماله. غادر بولندا وهو في السادسة عشرة من عمره هربًا من الاحتلال الروسي، وانتقل إلى فرنسا ليبدأ رحلته كبحّار. لاحقًا، انضم إلى الأسطول التجاري البريطاني، حيث تعلم الإنجليزية، وحصل على الجنسية البريطانية عام 1886، وغير اسمه ليمنحه طابعًا إنجليزيًا. لم يبدأ كتابة الروايات إلا بعد تقاعده من العمل البحري عام 1894، لكنه استطاع تحويل مغامراته في الكونغو وآسيا إلى أدب عالمي خالد
كشف زيف الاستعمار
ركزت أعمال كونراد على نقد الاستعمار، حيث عرّى المستعمرين وكشف عن استغلالهم للشعوب الأخرى. في روايته الشهيرة “قلب الظلام”، تناول التآمر الوحشي والمنافسات الدموية التي كانت تدور بين المستعمرين في الكونغو من أجل الحصول على العاج. بينما قدم شخصية البحّار العجوز مارلو، الذي كان الراوي في العديد من رواياته مثل “العميل السري” و*“النصر”* و*“لورد جيم”*، كوسيط ينقل تلك الحكايات القاسية التي تفضح الفساد والاستغلال.
نهاية المسيرة وبداية الخلود
توفي جوزيف كونراد عام 1924 إثر نوبة قلبية، لكنه ترك إرثًا أدبيًا عالميًا. لقد استطاع أن يحوّل تجاربه الشخصية إلى أدب فلسفي يمزج بين المغامرة والتحليل العميق للنفس البشرية.