في خطوة تعكس الرؤية الطموحة لمستقبل الطاقة في مصر، يمثل مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية محطة بارزة في مسيرة الدولة نحو تحقيق الاستدامة وتوفير مصادر طاقة نظيفة، بفضل جهود القيادة السياسية، أصبح المشروع حقيقة ملموسة، ليضع مصر بين الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية.
مشروع محطة الضبعة
من جانبه، قال الدكتور علي عبد النبي، خبير الطاقة ونائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، أن إنشاء محطة الضبعة النووية تمثل انطلاقة المشروع النووي المصري، حيث تضم أربع وحدات نووية، تعد نواة لخطة طموحة لإنشاء 20 إلى 30 محطة نووية مستقبلًا، مشيرا إلى أن محطة الضبعة تمثل عنصرًا محوريًا في رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، إذ تقدم فوائد كبيرة تشمل توطين التكنولوجيا النووية، تنويع مصادر الطاقة، وتوليد طاقة عالية لتلبية الطلب المتزايد بشكل مستدام.
وأضاف عبد النبي لـ صدى البلد، أن موقع الضبعةيساهم في تعزيز البنية التحتية للطاقة في مصر، وتسهم في الحفاظ على الموارد غير المتجددة، وتقليل انبعاثات الكربون، وخفض تكلفة إنتاج الكهرباء مقارنة بمحطات الغاز الطبيعي، ويعزز المشروع البحث والتطوير، ويوفر فرص عمل للمصريين، خاصة مع تزايد المشاركة المحلية في مراحل الإنشاء والتشغيل
وأشار خبير الطاقة إلى أن محطة الضبعة النووية تحقق أعلى معايير الأمن والأمان النوويين، وتلتزم بخصائص السلامة العالمية، مما يجعلها من أهم المشاريع المشتركة بين مصر وروسيا، لافتا أن هذا التعاون يعزز الاقتصاد المصري من خلال تطوير الصناعات المحلية وفتح آفاق جديدة للطاقة النظيفة، مما يدعم التنمية المستدامة ويخلق فرصًا وظيفية واعدة للمختصين في مجالات التكنولوجيا والطاقة.
صرّح الدكتور محمد دويدار، نائب رئيس هيئة المحطات النووية ومدير مشروع محطة الضبعة، خلال المنتدى الخامس لتطوير الصناعة النووية، بأن المشروع يشكل بداية واعدة لخطة مصرية متكاملة للتوسع في مجال الطاقة النووية.
وأوضح أن المشروع يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية: الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية، ما يعزز من مكانة مصر على الساحة الدولية.
أكد الدكتور دويدار أهمية مشروع الضبعة باعتباره خطوة استراتيجية لإدخال تكنولوجيا جديدة إلى مصر، ما يتيح فرصًا واعدة للاستثمار الأجنبي والمشاركة المحلية في صيانة وتشغيل المفاعلات.
ولفت إلى أن المشروع يدعم توطين التكنولوجيا النووية، ويعزز المشروعات البحثية المحلية، بجانب دوره البيئي في تقليل انبعاثات الكربون وتقديم حلول طاقة نظيفة ومستدامة، في إطار خطة مصر للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية.
من جهته، صرّح أليكسي كونينينكو، نائب رئيس شركة “أتوم ستروي إكسبورت”، بأن محطة الضبعة تُعد واحدة من أكبر مشاريع البناء النووي على مستوى العالم، مشيرًا إلى التعاون المثمر بين مصر وروسيا لتطوير تقنيات الجيل الثالث+ النووية.
وأضاف أن مشاركة الشركات المصرية في المشروع يعكس حرص القاهرة على تعظيم الاستفادة المحلية من هذا المشروع القومي.
تطوير الصناعة النووية
واختتم المنتدى الخامس لتطوير الصناعة النووية بمشاركة العديد من الشركات العالمية، بما في ذلك المقاول العام الروسي “أتوم ستروي إكسبورت” وشركة كوريا الجنوبية للطاقة النووية.
ركز المنتدى على توضيح الفرص المتاحة أمام الشركات المصرية لتأهيلها للمشاركة في المشروع، مما يساهم في تعزيز التعاون ونقل الخبرات بين الأطراف المعنية.
يأتي ذلك في ضوء حرص هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على تعظيم المشاركة المحلية بمشروع مصر القومي العملاق مشروع محطة الضبعة النووية مما يعزز من توطين الصناعة النووية في مصر.
يهدف المنتدى إلى عرض الفرص المتاحة للشركات المصرية للالتحاق بالعمل بمشروع محطة الضبعة النووية من خلال شرح الإجراءات الداخلية لدى المقاول العام الروسي، وكذلك المتطلبات الأساسية التي يجب أن تتوافر في الشركات المحلية بحيث تصبح الشركات المحلية مؤهلة للمشاركة في أعمال مشروع المحطة النووية بالضبعة.
وحرصت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على دعوة عدد كبير من الشركات المصرية لحضور المنتدى لتقوية أواصر التعاون وتبادل الخبرات والدروس المستفادة ما بين تلك الشركات والشركات العالمية الضالعة في المجال النووي مما يعزز من إدراك الشركات المصرية نحو ضرورة دراسة واستكشاف الصناعة النووية بتكنولوجياتها المتعددة.
جدير بالذكر أن مشروع الضبعة للطاقة النووية يهدف إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط PWR من الطراز الروسي VVER-1200 (AES-2006) بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، وتعتبر مفاعلات الماء المضغوط التي تم اختيارها هي أكثر أنواع المفاعلات شيوعًا في جميع أنحاء العالم.
وتأتي أهمية مشروع الضبعة النووي لمصر الاعتماد كليًا على الطاقة النظيفة والحلول المستدامة، للتخلي تدريجياً عن الوقود الأحفوري الذي تسبب في أزمة تغير المناخ، ولا تقتصر على توفير الطاقة النظيفة، بينما هو يُدلل كذلك على التعاون الوثيق بين مصر وروسيا.
كانت مصر قد وقعت مع روسيا اتفاقاً في 19 نوفمبر 2015، من شأنه إنشاء محطة للطاقة الكهروذرية بكلفة استثمارية بلغت 25 مليار دولار، قدمتها روسيا قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة.
وفي ديسمبر 2017، وقع الرئيسان السيسي وبوتين، الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي للقاهرة.
وتضم محطة الضبعة 4 مفاعلات من الجيل «+3» العاملة بالماء المضغوط بقدرة إجمالية 4800 ميجاواط بواقع 1200 ميجاواط لكل منها.