لعل ما يطرح السؤال عن هل يجوز المزاح بين الرجل والمرأة في العمل ؟، هو طبيعة الحياة التي خرجت فيها المرأة للعمل ، فشاركت الرجل المسئولية وأعباء العمل لساعات ، سعيًا لطلب الرزق، من هنا جاءت أهمية معرفة هل يجوز المزاح بين الرجل والمرأة في العمل ؟.
هل يجوز المزاح بين الرجل والمرأة في العمل
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز الهزار مع زميلات العمل بـ 5 شروط ، منوهًا بأن المزاح له درجات.
وأوضح " فخر في إجابته عن سؤال: هل يجوز المزاح بين الرجل والمرأة في العمل ؟، أن الهزار أو المزاح مع الزميلات في العمل قد يكون جائزًا إذا كان في حدود الأدب والشرع.
وتابع: ويجب أن يكون الكلام عاديًا وطبيعيًا، دون التطرق إلى أي نوع من الكلام المبتذل أو الخارج عن حدود اللياقة، مشيرًا إلى أن المزاح له درجات، فهناك نوع مقبول يعبر عن روح الدعابة بين الزملاء.
وأضاف: لكن يجب أن نتأكد من أن الكلام الذي نتبادلونه يمكن قوله أمام الآخرين مثل الأب أو الزوج أو الأخ، فإذا كان الكلام لا يمكن قوله في وجود هؤلاء، فهذا يعني أن المزاح بدأ يتجاوز الحدود ويصبح غير مقبول شرعًا.
ونبه إلى أن المعيار الأساسي هو الاحترام، فإذا كان الهزار لا يسيء ولا يتجاوز الأدب؛ فيمكن أن يكون مقبولًا، ولكن إذا وصل إلى حد إزعاج أو تجاوز للحدود؛ فذلك يصبح غير جائز شرعًا.
ضوابط وآداب المزاح
أفادت دار الإفتاء المصرية بأن هناك آدابًا وضوابطًا للمزاح، فالمزاح هو الكلام الذي يُرَاد به المُدَاعبة والملاطفة، أصلٌ في الشريعة؛ فقد ورد عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قوله لامرأة: «لا يدخل الجنَّة عجوز» رواه الترمذي.
واستشهدت بما روى الطبراني حديثَ ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنِّي لأمزح، ولا أقول إلَّا حقًّا»، ومازح النبي صلى الله عليه وآله وسلم طفلًا حين مات عصفوره؛ فقال له: « يا أبا عمير، ما فعل النُّغَيْر؟».
واستطردت: وما ذلك إلَّا لأنَّ غريزة النفس البشرية تميل للبشاشة واللطافة، وتَأنَف العُبُوس والكآبة؛ ومع هذا فإنَّ الشريعة الإسلامية حَدَّدت إطارًا بضوابط وآداب لهذه الغريزة تعمل من خلاله دون أن تميل أو تَحيدَ عن جَادتها.
وأردفت :من هذه الآداب: ألَّا يشتمل المُزَاح على قولٍ مُحَرَّم؛ كالغيبة أو النميمة؛ قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]، وفي الحديث المتفق عليه: «لا يَدْخُل الجنةَ نمَّامٌ»، أو اشتماله على فِعْلٍ مُحرَّم؛ كانتقاص وازدراء الشعائر الدينية التي الأصل فيها التعظيم؛ قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].
وبينت أن منها أيضًا: البُعْد عن الكلام الفاحش، وتَجنُّب سيء الحديث؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» (أخرجه البخاري في الأدب المفرد) ومنها: ألَّا يتضمن المُزَاح إلحاق الضرر –بكل أنواعه- بالغير؛ ففي الحديث: «لا يحل لمسلم أن يُروِّع مسلمًا»، فإيذاءُ الناس مذمومٌ في الشرع، وقد وَرَد المنع والتحذير منه؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].
وأشارت إلى أن الذي يَحْمِل الشخص على تحقيق ذلك وامتثاله: تَذَكُّر قول الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم» رواه البخاري.