أعلنت وزارة الثقافة المصرية، عبر الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، عن إصدار الأعمال الكاملة للأكاديمي والناقد الأدبي الدكتور سليمان العطار.
ويُعد العطار من أبرز المفكرين المصريين الذين أسهموا في تطوير الفكر العربي الحديث، عبر قراءات نقدية ومعاصرة للتراث العربي، وترجمات أدبية أثرت المشهد الثقافي.
وتأثر سليمان العطار بشكل كبير بأستاذه عبد العزيز الأهواني، أحد رواد الدراسات الأندلسية في مصر.
ورأى العطار في الأهواني نموذجًا يحتذى به للمثقف المخلص للعلم، ما شكل أساسًا لرؤيته النقدية. اعتبر العطار أن التراث العربي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية، لكنه رفض التعامل معه بتقديس مطلق، داعيًا إلى دراسته بعمق ونقد لتوظيفه في مواجهة تحديات الحاضر وبناء المستقبل.
كما رأى العطار أن الهوية الثقافية العربية تعاني من الجمود بسبب التعامل السطحي مع التراث. في كتابه “مقدمة في تاريخ الأدب العربي: دراسة في بنية العقل العربي”، عالج جذور الفكر العربي، مؤكدًا على أهمية النقد في تحرير الهوية الثقافية من القيود التقليدية. كما تناول نظرية الخيال عند ابن عربي في كتابيه “الخيال والشعر في تصوف الأندلس” و*“الخيال: النظرية والمجالات عند ابن عربي”*، حيث اعتبر الخيال أداة رئيسية للابتكار المعرفي والتجديد الثقافي.
وأسهم العطار في تعزيز التفاعل بين الثقافة العربية والثقافات العالمية عبر ترجماته الرائدة، مثل “مائة عام من العزلة” لغابرييل غارسيا ماركيز و*“دون كيخوتي”* لميغيل دي ثيربانتس. حظيت ترجماته بإشادة واسعة لجودتها ودقتها، ما جعلها جسورًا للتواصل الثقافي بين العالم العربي والغرب.
كان سليمان العطار نموذجًا للمثقف العضوي الذي يؤمن بأن الثقافة ليست نظريات فقط، بل سلوك يومي ومشروع حضاري. دعا إلى الحوار الثقافي وقبول الآخر ونبذ التعصب، منتقدًا الانقسامات الثقافية والمذهبية التي تعيق الوحدة العربية. في كتاباته الإبداعية، مثل رواية “سبعة أيام” ومجموعة قصصية بعنوان “النساء لن يدخلن الجحيم”، عبر عن رؤى إنسانية عميقة تعكس التزامه بقضايا المجتمع.
ورغم رحيله، يبقى الدكتور سليمان العطار أحد رموز الفكر العربي الحديث. أعماله النقدية وترجماته تُعد إضافة لا تُقدر بثمن للمكتبة العربية، وستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة. بإصدار أعماله الكاملة، تكرّم وزارة الثقافة إرثًا ثقافيًا غنيًا، يمثل دعوة دائمة للتفكير النقدي، الحوار، والتجديد في فهم التراث العربي.