قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

كيف يؤثر تثبيت الدولار بشكل سلبي على الاقتصاد المصري؟

كيف يؤثر تثبيت الدولار بشكل سلبي على الاقتصاد المصري؟
كيف يؤثر تثبيت الدولار بشكل سلبي على الاقتصاد المصري؟
×

منذ تحرير سعر الصرف في مصر، شهد الاقتصاد تحولات كبيرة على مختلف الأصعدة، كان أبرزها التوجه نحو نظام "سعر الصرف المرن"، الذي اتخذته الحكومة كاستراتيجية لتفادي الأزمات الاقتصادية التي واجهت البلاد في الماضي. 

وتبنى هذا التوجه رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي أكد في تصريحات له أن تثبيت سعر الصرف في السابق كان سبباً رئيسياً في العديد من المشكلات الاقتصادية التي شهدتها البلاد. 

وأوضح أن هذا المسار كان ينطوي على افتراض خاطئ بأن تثبيت سعر الصرف يعزز قوة الاقتصاد، بينما أظهرت التجارب السابقة أن تثبيت العملة يعوق الاقتصاد بشكل سلبي، ويؤدي إلى عواقب اقتصادية غير محمودة.

مدبولي: تعاون مشترك بين مصر وقطر في مشروع استثماري عقاري بالساحل الشمالي -  Economy Plus
رئيس الوزراء

تأثير تثبيت سعر الصرف على الاقتصاد المصري

تثبيت سعر الصرف يعتبر من السياسات الاقتصادية التي تفرض فيها الحكومة أو البنك المركزي سعرًا ثابتًا للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.

 وفي حالة مصر، كان تثبيت سعر الجنيه المصري في مواجهة الدولار الأمريكي يعد أحد أبرز السياسات التي اعتمدتها الحكومات السابقة، غير أن هذه السياسة لم تخلُ من أضرار جسيمة، حيث أثبتت التجارب أن تثبيت سعر الصرف يؤدي إلى تضخم اقتصادي هائل وارتفاع في الأسعار، مما يعمق الفجوة بين العرض والطلب على العملات الأجنبية.

وفي السنوات التي سبقت تعويم الجنيه المصري في 2016، كان سعر الصرف ثابتًا لفترة طويلة، ما دفع العديد من الشركات والمستثمرين إلى إخفاء أرصدتهم من العملة الأجنبية، مما أدى إلى حدوث نقص حاد في الدولار الأمريكي، وفي النهاية، كان لا بد من تعويم الجنيه لتحقيق توازن أكبر في السوق.

وكانت سياسة تثبيت سعر الصرف تشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد المصري في السنوات التي سبقت عام 2016، حيث أدت إلى تراجع قيمة الجنيه بشكل غير رسمي، وعانت البنوك من نقص شديد في الدولار، ما أدى إلى زيادة معدلات التضخم، تزامن ذلك مع تزايد معدلات البطالة وضعف الاستثمارات الأجنبية، بسبب عدم وضوح الرؤية بشأن قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.

وعند تثبيت سعر الصرف، كان البنك المركزي المصري يضطر بشكل دوري إلى ضخ كميات كبيرة من العملة الصعبة للحفاظ على سعر الجنيه، مما استنزف احتياطي النقد الأجنبي، وعندما حدث التعديل المفاجئ في سعر الجنيه بعد تعويمه، شهدت مصر ارتفاعًا حادًا في الأسعار، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وأدى إلى تضخم كبير وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

سعر الصرف المرن والاستثمار في مصر

نظام سعر الصرف المرن، الذي أقرته الحكومة بعد تحرير الجنيه في 2016، يسمح بتحديد قيمة العملة بناءً على العرض والطلب في السوق، هذا النظام يوفر مرونة أكبر في إدارة الاقتصاد ويعزز قدرة الحكومة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية.

من خلال تحديد قيمة الجنيه بناءً على العرض والطلب، يتيح هذا النظام للمستثمرين تقدير قيمة العملة على المدى الطويل، ما يسهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية، كما أن الاستقرار النسبي في سعر الصرف يعزز الثقة في الاقتصاد المصري، ويشجع الشركات العالمية على دخول السوق المصري.

وبالرغم من أن نظام سعر الصرف المرن قد يساهم في استقرار الاقتصاد على المدى الطويل، إلا أنه قد يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم في المدى القصير. فعندما يرتفع سعر الجنيه بشكل غير متوقع بسبب تقلبات السوق، قد يؤدي ذلك إلى زيادة أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية، كما أن التأثيرات السلبية على التضخم تزيد من ضغوط المواطنين، الذين يواجهون تآكلًا في القدرة الشرائية.

ولكن في المقابل، يرى الاقتصاديون أن النظام المرن في سعر الصرف يساعد على تقليل الضغوط التضخمية بشكل تدريجي، حيث يساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الصادرات والتشجيع على الاستثمارات.

ومن أهم الفوائد التي يوفرها نظام سعر الصرف المرن هو تعزيز التحويلات المالية للمصريين العاملين في الخارج. فعندما يكون سعر الصرف مرنًا، فإن المغتربين يستطيعون تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية بسهولة، مما يزيد من تدفق الأموال إلى الاقتصاد المصري. ووفقًا لتصريحات الدكتور مدبولي، فإن هذا النظام يساهم في زيادة التحويلات المالية، وهو ما يساعد في دعم الاحتياطي النقدي للبلاد.

وتعد قناة السويس أحد المصادر الحيوية للإيرادات في الاقتصاد المصري، ويؤثر سعر الصرف بشكل مباشر على عائدات القناة، عندما يتم تحرير سعر الجنيه، فإن الموارد التي تأتي من رسوم عبور السفن يمكن أن تزيد أو تنخفض بناءً على تقلبات العملات الأجنبية، في حال كانت قيمة الجنيه أقل أمام الدولار، فإن العائدات من قناة السويس تكون أعلى عند تحويلها إلى الجنيه المصري. لذا، فإن النظام المرن يمكن أن يسهم في تعزيز إيرادات القناة، وهو ما يدعم الموازنة العامة للدولة.

ويعتبر الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن خطوة إيجابية نحو استقرار الاقتصاد المصري على المدى الطويل، رغم التحديات التي قد يسببها على مستوى التضخم أو القدرة الشرائية للمواطنين. 

وبالرغم من أن هذا النظام قد يؤدي إلى بعض الاضطرابات الاقتصادية في البداية، إلا أنه يوفر فرصة أكبر لاستيعاب التغيرات الاقتصادية العالمية، ويعزز من قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع المتغيرات.

من جانبه قال المحلل الاقتصادي إسلام الأمين، إن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن التوقعات المتعلقة بتحركات سعر صرف الدولار، تؤكد أهمية فهم الحقائق الاقتصادية بعيدًا عن الشائعات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف «الأمين» في تصريحات خاصة لـ «صدى البلد»، أن تطبيق سياسة مرونة سعر الصرف يمثل خطوة مهمة نحو الحفاظ على استقرار الاقتصاد المصري.

وأوضح الأمين أن تثبيت سعر الصرف في الماضي كان أحد الأخطاء التي تسببت في عدة مشكلات اقتصادية، مثل نقص العُملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم. 

وأضاف أن مرونة سعر الصرف تساهم في تجنب هذه المشكلات، إذ تتيح للأسعار التكيف مع التغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، مما يؤدي إلى بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا.

وفي سياق حديثه عن المستقبل الاقتصادي، أشار «الأمين» إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة كبيرة في تدفقات الاستثمارات إلى مصر، وهو ما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني، مشيدًا بجهود الحكومة لضمان مرونة سعر الصرف، مما يسمح بتقلبات سعر الدولار بناءً على آليات العرض والطلب داخل البنوك الرسمية، بعيدًا عن تأثيرات السوق السوداء.

وتمثل مرونة سعر الصرف الخيار الأفضل للمرحلة الحالية من أجل تحفيز الاقتصاد المصري وتوفير بيئة أكثر استقرارًا، على الرغم من التحديات التي قد تترتب على تقلبات سعر الدولار، إلا أن السماح بسعر مرن يتيح للبنك المركزي القدرة على ضبط الأسواق وفقًا للعرض والطلب، بما يخدم الاستقرار الاقتصادي في المدى الطويل.