أكد الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مصر قدَّمت مثالًا يُحتذى به في الحفاظ على الأماكن المقدسة، حيث قام المسلمون بحماية الكنائس في أوقاتٍ تعرَّضت فيها لعمليات إرهابية واعتداءات، ووقفوا بجانب إخوانهم المسيحيين للدفاع عنها.
جاء ذلك في كلمة نجم ، خلال فعاليات المؤتمر العالمي للأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية المُنعقِد في لشبونة بالبرتغال اليوم .
وبيَّن أنَّ هذا النموذج يعكس الروح الحقيقية للتسامح والتلاحم الوطني، ويبرز أهمية العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، خاصة في مواجهة محاولات التفرقة وبث الكراهية.
وشدد نجم على أهمية الدَّور الحيوي للفتاوى الصادرة عن المؤسسات الدينية الوسطية المعتبرة في مواجهة هذه التحديات، مشيرا إلى الاعتداءات المتكررة على دُور العبادة، خاصةً في غزة، حيث تعرَّضت المساجد والكنائس للتدمير، وفي القدس، يواجه المسجد الأقصى تهديدات مستمرة من أجندات متطرفة، تتطلب ردًّا حاسمًا من المؤسسات الفقهية المعتبرة لحماية قدسية هذه الأماكن وتفنيد روايات المتطرفين.
وأوضح الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أن دُور العبادة ليست مجرد مبانٍ، بل تمثل الهُوية الروحية والذاكرة الجماعية للمجتمعات.. مشددا على أن حماية الأماكن الدينية ليست فقط واجبًا دينيًّا، بل أيضًا هي ركن أساسي من أركان السلام والتعايش، مستشهدًا بقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [سورة الحج: 40].. موضحا أن هذا النص القرآني يكرِّس التوجيه الإلهيَّ لحماية التنوع الديني ورفض أي اعتداء على الأماكن المقدسة.
وأشار الدكتور إبراهيم نجم إلى أنَّ الاعتداءات التي طالت دُور العبادة في غزة والقدس ليست مجرد تدمير مادي، بل تمثل تهديدًا خطيرًا للوئام المجتمعي وتعمِّق الجراح والانقسامات .. وأضاف أن المسجد الأقصى، باعتباره أحد أقدس المواقع الإسلامية، يواجه تهديدات متصاعدة من أيديولوجيات متطرفة تهدف إلى تغيير وضعه، وهو ما يستوجب تحركًا دينيًّا ودبلوماسيا موحدا.
وأوضح أن هذه الفتاوى يمكن أن تسهم في إدانة الاعتداءات على دُور العبادة وحماية قدسية المسجد الأقصى من خلال إصدار بيانات واضحة ترفض استهداف المقدسات.
كما أشار إلى دَورها في تفنيد مزاعم الجماعات المتطرفة التي تستغل النصوص الدينية لتبرير الاعتداءات، والتأكيد على أن الإسلام يحرِّم بشكل قاطع تدمير الأماكن التي يُذكر فيها اسم الله.
وأضاف فضيلته أن هذه الفتاوى يجب أن تدعو إلى تعزيز التضامن بين الأديان عبر تعاون مشترك لحماية المواقع المقدسة، بما يجسِّد رسالة الإسلام في دعم التعايش السلمي.. مشيرا إلى أنه يمكن لهذه الفتاوى تقديم أطر أخلاقية تسهم في دعم الجهود الدبلوماسية لمحاسبة المعتدين وحماية التراث الديني.
وفي ختام كلمته، استشهد إبراهيم نجم بتجربة أذربيجان في إعادة بناء وترميم المساجد والكنائس التي تعرضت للدمار، مشيدًا بالجهود التي تعكس قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الأديان ، وأكد أن حماية دُور العبادة مسؤولية جماعية تتطلب تعاونًا عالميًّا بين الحكومات والمؤسسات الدينية لضمان بقاء هذه الأماكن ملاذات للسلام والتأمل والوحدة للأجيال القادمة.