نظم مركز إعلام الداخلة بمحافظة الوادي الجديد اليوم الأربعاء، ندوة توعوية تحت عنوان " الأعراف الإجتماعية وتأثيرها على تكريس العنف والتمييز ضد المرأة " ، حاضر فيها مقرر مناوب المجلس القومي للمرأة فرع الداخلة إنصاف عبدالله علي ، ومدير عام الإدارة التعليمية بالداخلة أيمن احمد حنفي، ومدير عام إدارة الأوقاف الشيخ الدكتور أحمد علي، وشارك فيها لفيف من القيادات التنفيذية والشعبية ورائدات ريفيات، وعدد من القيادات النسائية بمركز الداخلة ، وطلاب بعض المدارس الثانوية.
جاءت الندوة لمواكبة فاعليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يستمر حتى العاشر من ديسمبر المقبل ، وانطلاقاً من تفعيل مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان التي تنظمها الهيئة العامة للاستعلامات تحت رعاية رئيس الهيئة الكاتب الصحفي ضياء رشوان ، وتوجيهات رئيس قطاع الإعلام الداخلي الدكتور احمد يحي.
افتتح الندوة مدير مركز إعلام الداخلة محسن محمد مؤكدا على حرص الهيئة العامة للاستعلامات علي تحسين وضع المرأة داخل المجتمع ورفع درجة الوعي لدى المجتمع بأهمية مناهضة سلوكيات العنف ضد المرأة، مشدداً في هذا الصدد على أهمية دور المرأة كنواة للأسرة والمجتمع .
ومن جانبها أكدت مقرر المجلس القومي للمرأة إنصاف عبدالله على أهمية رفع الوعي المجتمعي ، خاصة بين الشباب، بخطورة الأعراف السلبية التي تبرر سلوكيات العنف ضد المرأة ، مشيرة إلى أن دعم المرأة وتمكينها يعد جزءًا لا يتجزأ من تحقيق التنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن الأعراف الإجتماعية التي تكرس التمييز ضد المرأة ليست مجرد ممارسات سلبية تؤثر على الأفراد فقط بل تمثل خطراً مباشراً على استقرار المجتمع، مبينة أن العنف ضد المرأة ليس قضية فردية بل هي قضية مجتمعية تؤثر على الأسرة والمجتمع ومن ثم على استقرار الدولة، واكدت على ضرورة التكاتف بين الدولة والمؤسسات التعليمية والإعلام لخلق ثقافة مجتمعية تعزز من احترام المرأة وتدعم مشاركتها الفاعلة في بناء الوطن.
وأشارت إلى أن الأعراف الإجتماعية السائدة في المجتمع تعد جزءا لا يتجزأ من حياة المجتمعات ، حيث تؤثر بشكل كبير على تشكيل القيم والسلوكيات، في الوقت الذي تسهم فيه بعض الأعراف في تكريس التمييز والعنف ضد المرأة مثل الزواج المبكر، حرمان المرأة من الميراث وحرمان الفتاة من التعليم تحت مبررات واهية، ومن بين الأعراف الإجتماعية السائدة تحديد أدوار نمطية وتقليدية للمرأة مثل اهتمامها بالمنزل والأسرة فقط على حساب مشاركتها في الحياة وسوق العمل.
و أكد مدير عام إدارة التربية والتعليم بالداخلة أيمن احمد حنفي أن المرأة جزءا أصيلا من كيان المجتمع، وقد قدمت المرأة أدوارا مهمة عبر التاريخ أثبتت فيها قدرتها وجدارتها، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الإسلام كرم وشرف المرأة في القرآن الكريم والسنة النبوية وأوصى بالنساء خيراً ، حيث قدم لنا الرسول صل الله عليه وسلم مثالا يحتذى في كل أفعاله وأقواله الخاصة بالتعامل مع النساء.
وعرف العنف ضد المرأة بأنه سلوك عنيف متعمد موجه نحو المرأة، مشيراً إلى أن العنف ضد المرأة يأخذ أشكالاً عدة منها العنف الجسدي، و النفسي، و الجنسي، والعنف اللفظي ، بالإضافة إلى العنف الاقتصادي والمتمثل في السيطرة والتحكم بالموارد المادية التي تستحقها المرأة وعدم تمكينها، وأشار إلى أخطر أشكال العنف ضد المرأة والسائدة في الوقت الحالي وهو العنف الالكتروني ( السيبراني) باعتباره العنف الأكثر شيوعاً حالياً نظراً لانتشار استخدام التكنولوجيا وسهولتها ، حيث يشكل هذا النوع من العنف تحدياً كبيراً أمام النساء لما يتركه من أثر نفسي واجتماعي واقتصادي عليهن، ومن بين الممارسات المرتكبة حالياً التنمر على النساء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واستهداف الصفحات والحسابات الخاصة بالنساء واختراقها.
وبين أن هناك أسباب ودوافع رئيسية لممارسة العنف ضد المرأة منها أسباب اجتماعية تتمثل في الأعراف الراسخة والثابتة في المجتمع عبر العصور والتي تقلل من شأن ودور المرأة في المجتمع، فضلاً عن الأسباب الاقتصادية التي تعد أيضاً من أكثر دوافع العنف ضد المرأة في وقتنا الحالي في ظل الضغوطات الاقتصادية التي تعاني منها شريحة واسعة من المجتمع، حيث تشكل هذه الأسباب ضغوطات نفسية كبيرة على معيلي الأسر تؤدي في كثير من الأحيان إلى إلحاق الأذي بالمرأة وممارسة العنف ضدها.
وعلى صعيد متصل، قال مدير عام إدارة الأوقاف بمركز الداخلة الشيخ الدكتور أحمد علي أن هناك اعرافاً مغلوطة لدى البعض تنال من حقوق المرأة عالجها الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، مشيراً إلى أنه من بين الأمور المغلوطة في حق المرأة عدم إعطائها الحق في اختيار شريك العمر، ذلك الحق الذي كفله الإسلام للمرأة كما كفله للرجل أيضاً، وأن المرأة ليس لها الحق في الميراث على خلاف ما جاء في القرآن الكريم ، مؤكداً على أن الإسلام أعظم دين كرم المرأة وأعطاها مكانتها اللائقة بما لا يقل عن مكانة الرجل ولابد من الحفاظ على هذه المكانة حتى لا نعود بالمرأة إلى مكانتها في العصور السابقة على الإسلام ، وأكد على ضرورة أن تحافظ المرأة بداية على نفسها حتى تزداد قيمتها عند المجتمع . وشدد على أهمية توعية الشباب والأجيال القادمة ضد سوء التعامل مع الآخرين من أجل بناء جيل واع ومثقف.
وأسفر النقاش الموسع الذي دار خلال الجلسة الحوارية عن الخروج بالعديد من التوصيات من أهمها مواصلة تنفيذ الحملات الإعلامية والتوعوية لمكافحة العنف ضد المرأة ، والاستمرار في تحسين التشريعات لسد اى ثغرات قانونية تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين ، بالإضافة إلى تنفيذ ندوات تثقيفية بالمدارس بهدف بناء ثقافة إيجابية لدى النشء والأجيال المقبلة حول أهمية دور المرأة في المجتمع وتصحيح بعض الأعراف الإجتماعية التي تدعو لخلاف ذلك .