قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: جامعات الشركات.. واقع ورؤى وطموح

د. عصام محمد عبد القادر - أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر
د. عصام محمد عبد القادر - أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر
×

يبدو أن نظريات المنهج في مجملها ما بين موسوعية، وجوهرية، وبراجماتية  ،وبوليتكنيكية تظهر، وتختفي في ضوء المستهدف من مخرجات التعليم، وأن النظرة الاقتصادية حولت المؤسسات التعليمية من دور الناقل للمعرفة لدور المصقل للخبرات التي يحتاجها، أو يتعطش لها سوق العمل المتغير في ضوء تدفق صناعة المعلومات، وتقدم تقني باتت أدوات الذكاء الاصطناعي، ودقة ما تؤديه الآلة من مهام من المحددات الرئيسة التي ينطلق تطوير البرامج التعليمية من خلالها بمختلف السلم التعليمي، وخاصة في مرحلة التعليم الجامعي التي تصب مخرجها في سوق العمل بصورة مباشرة.

وهناك صيغ عديدة لأنماط التعليم الجامعي، والتي منها جامعات الشركات، وتشير إلى صورة كيان مؤسسي تعليمي تنشؤها، وتديرها مؤسسة منتجة، أو شركة لها نشاط استثماري تتضمن في أهداف رسالتها المعلنة العمل على تحقيق غايات المؤسسة، أو الشركة الأم؛ حيث تسعى علنية إلى خلق مجتمع متفرد، مبتكر يمتلك مهارات العمل لديها، ويحرص على تطوير ذاته ليحقق ماهية الريادة، والتنافسية، ومن ثم يفي باحتياجات، ومتطلبات العمل بداخل، ويمكنه أن ينقل خبرات بصورة منهجية لغيره، بما يسهم في خلق المزيد من فرص العمل التي تواكب مستجدات، ومستحدثات العصر.

وتستهدف برامج جامعات الشركات القضاء على أسباب البطالة، ومسبباتها، سواءً بين منتسبيها، أو خريجي الجامعات الأخرى؛ حيث تتبع سياسة إعادة التأهيل من خلال بيوت الخبرة التي تمتلكها، كما أن المحتوى التعليمي التي تقدمه هذه الجامعات يقوم على بعض الأنشطة التي تتضمن مهاما تعتمد فلسفتها على ثقافة الابتكار، والإبداع، ومن ثم يساعد النموذج الأكاديمي بها على صناعة المعرفة، وتبادلها وفق ماهية حضانات الأفكار الجديدة المبتكرة، والرائدة في مكنونها.

وهذه الاستراتيجية الخاصة بجامعات الشركات لا تتوقف عند مستوى معين بشأن تطوير القدرات البشرية لديها؛ بل تمتلك مسارات غير محدودة للتقدم، والنمو المهني، والأكاديمي على حد سواء، وهذا يجعلها تواكب الغايات التجارية، والاستثمارية للشركة الأم؛ حيث تحرص على خلق المزيد من الأصول الفكرية لها، وتعمل على تحديث هياكلها من فترة إلى أخرى؛ وذلك وفقًا لمستجدات سوق العمل، ومتطلباته المتغيرة، التي لا تنفك عن التطور التقني الجارف، وبناءً على ذلك تتباين برامجها من مستوى المرحلة الجامعية الأولى إلى مستوى الدراسات العليا؛ هذا بالإضافة إلى البرامج التدريبية، وهناك طرح آخر يتمثل في تقديم البرامج التدريبية، والدراسات العليا عن طريق شراكات مع مؤسسات التعليم العالي الرسمية.

و تكمن الفلسفة التي تعتمد عليها جامعات الشراكات في تدشين مشروعات إنتاجية مع المؤسسة الأم؛ حيث يخصص عائدها لزيادة الموارد المالية للجامعات، مع التواصل المستدام الذي يجعل الجامعات تقدم الحلول للمشكلات، التي تواجهها المؤسسة الأم من خلال خبرات تقوم على الدراسة، والبحث العلمي، وصورة التعليم تقوم على الربط الوظيفي بين النظرية والتطبيق؛ حيث ينفذ البرنامج التعليمي بالمؤسسة الجامعية، والمؤسسة الإنتاجية عبر التدريب الميداني المباشر، وتقدم جامعات الشركات ما لديها من خبرات بعقد دورات تدريبية مدفوعة تنال منه المردود المادي، الذي يساهم في مزيد من التطوير، والتحسين، كما تعمل على نشر ثقافة جامعات الشركات، ودورها في التنمية الشاملة في المجالات المختلفة.
وفي حدود ما ذكرناه نجد أن شركات الجامعات تعزز لدى منتسبيها فكرة الخبرة المكتملة؛ إذ تمد الفرد بالمعرفة في ثيابها المتجدد، وتربط ذلك بالممارسة الوظيفية لهذه المعرفة، وتأصل القيم الاقتصادية المفتقدة في وجدان هذا الفرد، مما يعضد ماهية الكفاءة ، ويرفع من الجاهزية، ويعمل على استثمار الطاقات بصورة تسهم في تحقيق رؤية المؤسسة الجامعية، والمؤسسة الإنتاجية، ورسالتهما.

ومن خلال شركات الجامعات تستطيع الشركة الأم، أو المؤسسة الإنتاجية أن تحقق الريادة، والتنافسية، وتوفر فرص العمل المتميزة، وتخلق الكفاءات، وأصحاب المهارات في كل ما يتعلق بمجالاتها، ومن ثم توجد المكانة اللائقة بها في سوق العمل المحلي، والدولي، وتواصل سعيها نحو التقدم، ومواكبة التطورات على الساحتين: البحثية، والعملية.

وتتوالى ثمرة شركات الجامعات؛ حيث تساعد في رأب الصدع بين سوق العمل ، واحتياجاته المتواترة ، ومتطلباته المتغيرة، وبين فرص العمل المتعثرة؛ حيث تحاول جاهدة  أن تسهم في الحد من مشكلة البطالة؛ وذلك من خلال دورها الفعال في تأهيل الموارد البشرية بما يخفف العبء عن الدولة، ويعمل على استثمار الموارد البشرية بصورة هادفة تحقق غايات ، ومصالح الوطن العليا، ناهيك عن التفاعل الحقيقي بين المؤسسة التعليمية، والقطاع الإنتاجي الذي يدفع بالقطاعات الصناعية على وجه الخصوص إلى الأمام؛ وذلك من خلال تزويد تلك القطاعات بطاقات تمتلك الخبرة، والكفاءة، ومهارات الابتكار ، ومقوماته الوظيفية.

وأرى أن هذه الصيغة من التعليم الجامعي تعمل على تعزيز الثقة بين المجتمع، وبين المؤسسة الجامعية؛ فقد أضحى الأمر لا يتوقف عند خلق فرص للعمل فقط، وإنما يتجاوزه إلى تحقيق غايات التنمية الاقتصادية في بلادنا الحبيبة في إطارها المحلي، والدولي؛ حيث إن مصر تمتلك من الطاقات البشرية التي تجعلها غنية بما تحمله الكلمة من معني؛ وذلك من خلال جودة، وإتقان، وابتكار، وريادة، وتنافسية تتأتى من خلال الربط الوظيفي بين ما نقدمه من معارف تأخذ صفة الحداثة، وما ننميه من مهارات تشتق من مهارات القرن الحادي والعشرين ، وتفي بمتطلبات، واحتياجات، وتطلعات سوق العمل، واستراتيجياته بعيدة المدى.