قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

دفاعا عن النسق الحضاري.. كيف حارب فاروق حسني التلوث البصري؟

فاروق حسني
فاروق حسني
×

تأثر الفنان الكبير فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، بشكل عميق بالفكر الفني الأوروبي خلال سنوات تكوينه الإبداعي، وساهمت تجربته في أوروبا في تشكيل رؤيته الفنية وتجديد أسلوبه التشكيلي، مما جعله رمزًا للفن الذي يدمج بين الهوية المحلية والتأثيرات العالمية، وهو ما جعله ينتج أفكارًا ومشروعات تحافظ على التراث وجمال المدن في مصر، من بينها مشروع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.


فاروق حسني حرص على حماية التراث، وتحقيق النسق الحضاري للمدن، المصرية، من خلال مشروع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، الذي أنتج مؤخرًا عنه فيلما وثائقيًا ضمن سلسلة «سنوات الفن والثقافة»، يكشف فيه ذكرياته حول الدوافع التي قادته إلى إنشاء الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، الذي يصفه بأنه الحارس والمدافع عن الحفاظ على النسق الحضاري للمدن المصرية، ويؤكد الفنان أن لكل مدينة هويتها الثقافية وملامحها المعمارية والجمالية الفريدة، التي تستوجب الحماية والإبراز، كما سلط الضوء على رؤيته لدور الجهاز في تعزيز التراث المعماري خلال فترة توليه منصب وزير الثقافة والآثار.


ربما تجربة الوزير فاروق حسني الأوروبية، هي التي جعلته ينشغل بالتراث، والنسق الحضاري، والتأكيد على الهوية الثقافية لكل مدينة من المدن المصرية، حيث أنه خلال سنواته في أوروبا، خاصة في فرنسا وإيطاليا، تعرّف فاروق حسني على مدارس الفن الحديث مثل: التجريدية التي أصبحت السمة المميزة لأعماله الفنية، والتكعيبية والسريالية: التي ألهمته بفكرة كسر القيود التقليدية في الرسم والتعبير عن المشاعر بطريقة رمزية، بالإضافة إلى الفن البصري الأوروبي: الذي يعتمد على التلاعب بالضوء واللون لإحداث تأثيرات بصرية تعكس أعماق المشاعر الإنسانية، وتعرف فاروق حسني خلال رحلته الأوروبية على أعمال فنانين كبار مثل بابلو بيكاسو، وفاسيلي كاندينسكي، وجاكسون بولوك، وغيرهم، وقد تأثر بأسلوبهم التجريدي لكنه احتفظ برؤيته الخاصة التي تمزج بين التراث المصري والأسلوب الأوروبي الحديث.


أثرت التجربة الأوروبية على أسلوب فاروق حسني الفني بشكل كبير، حيث اعتمد على الألوان الجريئة: استوحى حسه اللوني من الطبيعة الأوروبية، مستخدمًا ظلالًا قوية ومركبة تعبر عن مشاعره الداخلية، والتكوينات الديناميكية، فاستمد من أوروبا فكرة الحركة والانسيابية في اللوحات، ما جعل أعماله نابضة بالحياة، والرمزية العميقة، حيث أنه ركز على التعبير عن الأفكار المجردة بدلًا من تصوير المشاهد التقليدية، ما أضفى على أعماله بُعدًا فلسفيًا.


فكل هذا ساهم في تشكيل وعي فاروق حسني، وجعله عقب تكيلفه بمنصب وزير الثقافة، التفكير في مشروعات قومية تحدث نقله ثقافية وحضارية، والتي كانت من بينها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والذي تأسس في عام 2001 بموجب القانون رقم 119، ليكون المسؤول الأول عن حماية الهوية المعمارية المصرية، والحفاظ على التراث الحضاري، وتحسين الصورة البصرية للمدن المصرية.


وعمل جهاز التنسيق الحضاري، على تحقيق مجموعة من الأهداف تسهم في حماية التراث وتحسين البيئة العمرانية، ومنها حماية التراث المعماري من خلال حصر المباني والمناطق ذات الطابع المعماري المميز، ومنع هدمها أو الإضرار بها، وتحسين الصورة البصرية للمدن من خلال القضاء على التشوه البصري الناتج عن الإعلانات العشوائية، والألوان غير المتناسقة للمباني، والتكدس العمراني غير المنظم.


إلى جانب تعزيز الهوية الثقافية بالمحافظة على الطابع المعماري للمناطق التاريخية مثل القاهرة الفاطمية والخديوية، وإحياء القيم الجمالية التي تعكس روح المجتمع المصري، والتنسيق بين الجهات المختلفة في وضع خطط وإرشادات لتنسيق التصميمات العمرانية، بما يحقق التوازن بين التنمية الحديثة والحفاظ على التراث.


ويظل جهاز التنسيق الحضاري، أحد الأعمدة الأساسية في الحفاظ على التراث المعماري المصري، وتعزيز جمال المدن وتناسقها، ونجاحه يعتمد على التكاتف بين الحكومة والمجتمع، لتحقيق رؤية عمرانية تعكس روح مصر وتاريخها الغني، وتضمن بيئة حضارية للأجيال القادمة.