تمر في هذه الأيام ذكرى حصار الفايكينج لمدينة باريس، الذي بدأ في 25 نوفمبر عام 885م واستمر قرابة العام. هذا الحصار كان واحدًا من سلسلة غارات شنتها قبائل الفايكينج، التي انتشرت على نطاق واسع في أنحاء أوروبا، مخلفة وراءها دمارًا ونهبًا كبيرين.
من هم الفايكينج
تُعرف قبائل الفايكينج، التي يُشار إليها أيضًا بـ”شعوب البحر”، بأنها القبائل الشمالية التي استوطنت شبه الجزيرة الإسكندنافية وشبه جزيرة الدنمارك. تميزت هذه القبائل في القرن التاسع الميلادي بشن غارات وحشية على أنحاء أوروبا. واشتُق اسم “الفايكينج” من كلمة تعني سكان الخلجان أو الفيوردات، وهي الظاهرة الجغرافية التي تميز شواطئ المناطق الشمالية الغربية من أوروبا. كانت غاراتهم تتميز بالعنف، حيث كانوا يقتلون وينهبون ويغتصبون، مما جعلهم مصدر رعب دائم في أوروبا في ذلك الوقت.
غارات الفايكينج على باريس
نفذ الفايكينج أربع غارات رئيسية استهدفت مدينة باريس، حيث كانوا يصلون إليها ليلاً عبر نهر السين باستخدام سفنهم السريعة. أثناء الغزو، كانوا ينهبون المدينة ويدمرونها، مما أجبر الملوك الفرنسيين على دفع مبالغ طائلة مقابل انسحابهم. في العام 885م، شن حوالي 30 ألف رجل من الفايكينج هجومًا شديدًا على باريس، ما اضطر ملك فرنسا لدفع 700 جنيه من الذهب لشراء سلام المدينة. ورغم انسحابهم، استقروا لاحقًا في منطقة النورماندي، التي أصبحت تُعرف باسمهم “النورمانديين”.
آثار الحصار
في إحدى غاراتهم التي تزامنت مع عيد الفصح، تمكن الفايكينج من دخول باريس ونهبها. خلال فترة الحصار الطويلة، تفشى الطاعون في معسكر الفايكينج، لكن ذلك لم يوقفهم عن مواصلة الضغط على المدينة. في النهاية، اضطر الملك تشارلز الأصلع إلى دفع فدية هائلة بلغت 7000 ليفر (ما يعادل 2570 كجم من الفضة والذهب) لوقف الحصار.
شكلت غارات الفايكينج على باريس وباقي المناطق الأوروبية نقطة تحول في التاريخ الأوروبي. ورغم وحشيتهم، إلا أن استقرارهم في النورماندي كان بداية لاندماجهم في الثقافة الأوروبية، حيث تحولوا من غزاة متوحشين إلى قوة مؤثرة في النسيج الأوروبي.