يعتبر قانون العمل من أهم التشريعات التي تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل، حيث يحدد الحقوق والواجبات لكلا الطرفين في إطار يحفظ التوازن بين مصالحهم ويعزز بيئة العمل، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم، وضرورة تكييف القوانين مع متطلبات العصر، ويأتي مشروع قانون العمل الجديد ليعكس تلك التحديات ويواكب التطورات التي تشهدها سوق العمل.
تحسين ظروف العمال وحماية حقوقهم
ويرتكز مشروع قانون العمل الجديد على تحقيق عدة أهداف رئيسية، أبرزها تحسين ظروف العمل، تعزيز حماية حقوق العمال، تشجيع الاستثمار، وتوفير بيئة قانونية مرنة تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، كما يسعى المشروع إلى معالجة الثغرات التي قد تكون موجودة في القوانين السابقة، وتوفير إطار قانوني أكثر تطورًا وملاءمة للمتطلبات الحديثة لسوق العمل.
ويشمل مشروع القانون الجديد، مجموعة من الأحكام المتعلقة بمختلف جوانب العمل، مثل ساعات العمل، الأجور، الإجازات، حقوق المرأة، التوظيف، والعلاقات النقابية، كما يتناول أيضاً مسألة العمل الحر والعقود المؤقتة، التي أصبحت تمثل جزءًا مهمًا من الأنماط الجديدة للعمل في العصر الرقمي.
ووافقمجلس الوزراء، على مشروع قانون العمل الجديد، مع الأخذ فى الاعتبار إدراج الملاحظات التى أبداها عدد من الوزراء فى الاجتماع، بما يسهم فى سرعة إعداده فى صورته النهائية وإرساله إلى البرلمان، وتأتى هذه الموافقة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسى فى هذا الصدد والخاصة بالعمل على سرعة الانتهاء من قانون العمل الجديد، وإتمام مختلف الإجراءات الخاصة بإصداره، باعتباره يأتى ضمن أولويات الأجندة التشريعية للحكومة، وذلك بالنظر لدوره المهم فى تحقيق آمال وتطلعات شريحة كبيرة من القوى العاملة.
وتضمنمشروع قانون العملالجديد، العديد من المكتسبات الخاصة بالعمال بشكل عام والمرأة بشكل خاص، حيث نصت المادة 50 من مشروع قانون العمل التى تنظم حصول العاملات على إجازة الوضع، حيث نصت على أنه للعاملة الحق فى الحصول على إجازة وضع لمدة أربعة أشهر تشمل المدة التى تسبق الوضع والتى تليه على ألا تقل مدة هذه الإجازة بعد الوضع عن 45 يومًا، بشرط أن تقدم شهادة طبية مبينا بها هذا التاريخ الذى يرجح حصول الوضع فيه، وتكون هذه الإجازة مدفوعة الأجر، وفى جميع الأحوال لا تستحق العاملة هذه الإجازة لأكثر من ثلاث مرات طوال مدة خدمتها، دون التقيد بمرور مدة معينة على عملها فى المنشأة.
تعديلات لزيادة الضمانات للعمال
وتعقد لجنة القوى العاملة بمجلس النواب اجتماعات متصلة لمناقشة مشروع قانون العمل الجديد، وذلك بحضور الحكومة والنواب للوصول إلى صياغات مشتركة لتنظيم علاقة العمل بين العمال وأصحاب الأعمال، بهدف دعم العملية الإنتاجية وخطوات التنمية التي تشهدها مصر في الملف الاقتصادي.
ويحقق مشروع قانون العمل الجديد، وفقا لما ذكرته بوابته، تعريفات دقيقة للعمالة المصرية والأجنبية، وكذلك حقوق العمال في القطاع الخاص، وينظم الأجور والإجازات.
كما يشهد مشروع قانون العمل الجديد 2024، المنتظر عرضه في الجلسات العامة لمجلس النواب عقب الانتهاء من مناقشته في اللجنة المختصة، انتصارًا كبيرًا للمرأة العاملة في مجال حقوقها الخاصة في إجازة الزواج والحمل والوضع.
وحظر مشروع قانون العمل الجديد تشغيل الأطفال دون سن الـ 15 عامًا، كما نص على أنه يجوز تدريب الأطفال فوق هذا السن في المنشآت الخاصة.
كما حرصت الحكومة على إدخال بعض التعديلات على مشروع قانون العمل الجديد لزيادة الضمانات والحقوق للعمال، وسيتم مناقشتها ضمن مواد مشروع القانون المعروض أمام مجلس النواب.
وفي هذا الصدد، أجرى "صدى البلد" لقاءات مع مجدي البدوي نائب رئيس اتحاد العمال، ومحسن عليوة القيادي العمالي، وعدد من العمال الذين قدموا بعض مطالبهم للشعور بأمان في عملهم في ظل التحديات العالمية التي يواجهها سوق العمل.
الحكومة هي أكبر صاحب عمل
من جانبه، يقول مجدي البدوي نائب رئيس اتحاد العمال: نحن بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة تتجه نحو العمل في القطاع الخاص، حيث لم تعد الحكومة هي أكبر صاحب عمل. ومن الضروري أن يكون لدينا قانون يتناسب مع هذه المرحلة الجديدة ويواكبها، بحيث يمتلك العاملون أدوات عمل تضمن لهم حقوقهم، ولذلك يولي القانون الجديد اهتمامًا خاصًا بالفئات التي تم تهميش حقوقها، مثل العمالة غير المنتظمة، والمرأة العاملة، وذوي الهمم.
وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد على أهمية إنشاء صندوق خاص بالعمالة غير المنتظمة، وقد تم تضمينه في مشروع القانون ليكون جزءًا أساسيًا منه.
وأضاف "البدوي"- خلال تصريحاته مع "صدى البلد"، أنه فيما يخص قانون الخدمة المدنية، كانت المرأة في الماضي تحصل على ثلاث مرات إجازة ولادة، بينما أصبح القانون الجديد يتيح لها أربع مرات، مع تمديد مدة الإجازة لكل مرة إلى ثلاثة أشهر، وأكد أن قانون العمل الجديد يهدف إلى تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال، وذلك لتلبية متطلبات العصر الحديث، خصوصًا فيما يتعلق بالعمالة غير المنتظمة، حيث يتم تدريب هؤلاء العمال والعمل على حل مشكلاتهم بشكل نهائي، ويضمن القانون أيضًا لكل عامل الحصول على شهادة خبرة في حال تركه العمل، مما يساهم في تحسين فرصه في سوق العمل.
توقعات زيادة الأجور والمعاشات
وأشار نائب رئيس اتحاد العمال، إلى أن قانون التأمينات الاجتماعية يتعلق بالإجازات، كما ينظم مشروع القانون الجديد حقوق العاملين ما يخص الحصول على إجازات سنوية ومرضية واعتيادية. كما يحدد الفئات التي يحق لها الاستفادة من زيادة عدد أيام الإجازات السنوية، بناءً على الأسباب التي حددها القانون. ووفقًا لمشروع القانون، يحق للعامل إجازة سنوية مدفوعة الأجر، شريطة أن تكون الإجازة لا تشمل أيام الراحة الأسبوعية، أو الأعياد الرسمية، أو المناسبات، ويحدد القانون عدد أيام الإجازة السنوية كالتالي:
- 15 يومًا في السنة الأولى
- 21 يومًا في السنة الثانية
- 30 يومًا لمن قضى 10 سنوات أو أكثر في العمل
- 45 يومًا لمن تخطى سن الخمسين، وكذلك لذوي الهمم
وتابع: "مشروع قانون العمل الجديد يتضمن أيضا إضافة 7 أيام للإجازة السنوية للعاملين في الأعمال التي قد تضر بالصحة، أو في المناطق النائية والخطرة، كما ينص القانون على إلزام صاحب العمل بتسوية رصيد الإجازات للعاملين، أو دفع مقابل لها كل ثلاث سنوات على الأكثر، وفي حالة إنهاء علاقة العمل، يحصل العامل على الأجر المقابل لرصيد إجازاته المتبقية".
وأردف: "بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، يحق للعامل الذي أكمل 25 عامًا من التأمينات الاجتماعية التقدم بطلب للحصول على المعاش المبكر، بدءًا من 1 يناير 2025، بشرط أن تكون قيمة معاشه أعلى من 50% من آخر تسوية له، أما العاملون في الجهاز الإداري للدولة، فإن الحكومة تقدم لهم مزايا إضافية. فالعامل الذي يتجاوز سن الخمسين يحصل على ترقيات وظيفية إلى الدرجة الأعلى، بالإضافة إلى سنوات إضافية من التأمينات الاجتماعية. وإذا كان العامل قد تجاوز سن الخامسة والخمسين، يُعامل كما لو كان قد بلغ سن الستين".
وأكمل: "يعد مشروع قانون العمل الجديد خطوة مهمة نحو تحسين ظروف العمل وحماية حقوق العمال في مختلف القطاعات، مع التركيز على فئات معينة تحتاج إلى دعم خاص، كما يساهم هذا التشريع في تنظيم سوق العمل وتوفير بيئة عمل أكثر عدلاً واستقرارًا".
واختتم: "تم تعديل القوانين المتعلقة بحساب المعاشات في القانون الجديد، حيث كان المعاش في السابق يعتمد بشكل أساسي على الأجر الأساسي الذي كان ضعيفًا في مصر مقارنة بالأجر المتغير. وفي التعديلات الجديدة، تم رفع نسبة الأجر التأميني ليشمل الأجر المتغير، ما يساهم في رفع قيمة المعاش ليصل إلى 80% من الراتب الذي كان يتقاضاه العامل أثناء خدمته".
من جانبه، يقول محسن عليوة القيادي العمالي، إن الزيادة فى الأجور زيادة سنوية، وفي القانون الحالى 12 لسنة 2003 لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي، الذي يتم على أساسه حساب قيمة إشتراكات التأمينات، ولكن خلال مشروع القانون الجديد فان الزيادة 3% من الأجر التأميني.
وأضاف عليوة- خلال تصريحاته مع "صدى البلد"، أن هناك زيادة في الأجور وهي تعد زيادة سنوية "علاوة دورية"، معقبًا: "كثير من الأحيان نتيجة التضخم الذي يحدث تقوم القيادة السياسية للبلاد بتعجيل صرف العلاوة أو منح العاملين في الدولة والقطاع الخاص علاوة بقرار من الرئيس لمواجهة غلاء المعيشة أو التضخم الذي يحدث في الأسعار".
وأشار "عليوة"، إلى أن زيادة المرتبات والأجور تكون في نص القانون بالفعل، وإن حدث أي زيادة أخرى تكون بقرار رسمي من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأكد أن القانون الحالي يمنح للعامل الحق أن يأخذ شهادة خبرة في حالة خروجه من العمل أو طلب الاستقالة.
وتابع: "زيادة المعاشات منصوص عليها من قانون المعاشات وقانون التأمينات الاجتماعية ، بزيادة سنوية دورية، ما لم يأت قرار من الرئيس السيسي، ويتم تحديد حد أدني للعلاوة وأيضًا حد أقصى لها.
وعن سؤال، هل في حالة إقرار مشروع العمل الجديد، سيؤدي ذلك إلى تقليل نسبة البطالة، أردف: "استوعبت المشروعات القومية الجديدة، عددا من الأيدي العاملة المصرية، وبخاصة العمالة غير المنتظمة، حيث كانت النسبة المقدرة للبطالة تقترب من 14%، ووصلت في هذا العام 6.9 تقترب من 7%، وهذا يدل أن المشروعات التي تنفذها الدول استعابت عددا كبيرا من العمالة المصرية".
وأردف: "أما بالنسبة لمشروع القانون، فإذا جاء القانون متوافق بين أطراف العمل، وموافقا لما وقعت عليه مصر من إتفاقيات دولية سيكون لذلك أثرا بالغا في جذب استثمارات كثيرة، سواء كانت استثمار أجنبي أو محلي سيؤدي ذلك".
ما الذي يحقق الرضا الوظيفي للعامل؟
وأجاب "عليوة"، عن سؤال أحد العاملين بالقطاع الخاص، وهو "ما الذي يحقق الأمان والرضا الوظيفي لدى العمال وخاصة العاملين بالقطاع الخاص؟": "إن فلسفة مشروع قانون العمل الجديد، يجب تحقيق الأمان والرضا الوظيفي، والذي يتمثل في أجور عادلة تواكب التضخم وتحقق الأمان الأسري والاجتماعي للعامل ومن يعول وأيضا من جميع الأمور التي تحقق التأمين الاجتماعي الذي يحفظ للعامل كرامته المجتمعية، سواء وجود في الخدمة أو في التقاعد، وتأمين صحي يضمن للإنسان حياة سليمة في حالات الإصابات أو المرض له ولأسرته".
واختتم: "يجب التوضيح أن المهم تحقيق الأمان الإنساني للعامل، وهو أن يتم التعامل مع العامل، كأنه شريك في العملية الانتاجية ومالك للأصول الثابتة والمتغيرة، فيجب أن يتم التعامل معه بحس إنساني وإدخال البهجة والسرور حتى لا يعمل تحت ضغط، وذلك حتما سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية".
من جانبه، يقول حسين على حسين محاسب قانوني بأحد المكاتب الخاصة، إنه لابد من مراجعة وتحديث قانون العمل، حيث أنه يتم إجراء تحديثات دورية على قانون العمل لضمان توافقه مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم حماية أكبر للعاملين من استغلال أرباب العمل، وذلك بهدف جعل القانون أكثر مرونة واستجابة للتحديات المعاصرة مثل العمل عن بعد، وزيادة الحماية للعاملين المؤقتين وغير المنتظمين.
وأضاف حسين- خلال تصريحاته مع "صدى البلد"، أنهيجب إطلاق برامج تدريبية وتوعوية للعاملين، ويجب تنظيم برامج توعية حول حقوق وواجبات العاملين، وتقديم تدريبات على المهارات القانونية الأساسية، وذلك بهدف تمكين العاملين من فهم حقوقهم وممارستها بشكل فعال، والمساهمة في خلق بيئة عمل آمنة وملائمة، معقبا: "ما الذي يحقق الأمان والرضا الوظيفي لدى العمال وخاصة العاملين بالقطاع الخاص؟".
دفع الرواتب في موعدها
ومن جانبه، يقول عبدالله حسن محامي بأحد المكاتب الخاصة، إنه يجب تطبيق نظام حماية للأجور، حيث أنه يجب تطوير آلية تضمن دفع الرواتب في موعدها وعدم تأخرها، وتفعيل آلية مراقبة إلكترونية للأجور، وذلك بهدف حماية حقوق العاملين في تلقي رواتبهم دون تأخير، وضمان المساواة في الأجور بين الجنسين.
وأضاف حسن- لـ "صدى البلد"، أنه من المهم إقرار قانون يحد من الفصل التعسفي، حيث يفضل وضع ضوابط صارمة على الفصل التعسفي وحماية العاملين من إنهاء خدماتهم بشكل غير مبرر، وذلك بهدف ضمان استقرار العاملين وتأمين حقوقهم، وزيادة الإحساس بالأمان الوظيفي.
وتابع: "يجب إدخال مرونة أكبر في عقود العمل، حيث يتم السماح بمرونة أكبر في تحديد ساعات العمل خاصة في حالات العمل عن بعد، وذلك من أجل إتاحة مرونة تضمن توافق العمل مع ظروف الموظف الشخصية والعائلية، مما يسهم في تعزيز الرضا الوظيفي".
من جانبه، يقول عماد محمد فرد أمن بمصنع الزجاج في مسطرد، إنه يجب تعزيز الإجازات والعطل الرسمية، حيث يتم إعادة النظر في قوانين الإجازات بحيث تشمل إجازات إضافية مدفوعة للعاملين في القطاعات المرهقة جسديًا ونفسيًا، وذلك من أجل تحسين جودة الحياة للعاملين، وزيادة إنتاجيتهم عبر منحهم وقتا أكبر للراحة.
وأضاف محمد- خلال تصريحاته مع "صدى البلد": "نتمني وجود تعزيز آليات الشكاوى وحل النزاعات، حيث يتم إنشاء وحدات خاصة في الجهات الحكومية لاستقبال شكاوى العاملين والتعامل معها بسرعة وفعالية، وذلك من أجل ضمان توفير آلية ميسرة للعاملين لتقديم شكاويهم وحل النزاعات بشكل عادل وسريع".