تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالاً خلال البث المباشر على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، حيث استفسرت إحدى المتابعات عن موقف حساس تواجهه مع والدتها.
قالت السائلة: "لو أمي حلفتني أقول الحق، وأنا عارفة إن لو قولت لها الحقيقة هتزعل، أعمل إيه؟".
جاء الرد من الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، الذي أوضح أن الإسلام علمنا كيفية التعامل بذكاء وفطنة في مثل هذه المواقف الحساسة.
واستشهد بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "المعاريض مندوحة عن الكذب"، مشيراً إلى أن المقصود بالمعاريض هو استخدام عبارات تحمل أكثر من معنى بهدف تفادي الكذب المباشر.
ونصح الشيخ السائلة بأن تتحلى بالحصافة والذكاء عند الحديث مع والدتها، وأكد أنه يمكنها تجنب الحزن والغضب عبر استخدام عبارات عامة مثل: "والله أقول الحق"، ثم تقول كلاماً يرضي والدتها دون أن يكون مخالفاً للحقيقة.
وأضاف الشيخ عبد السميع أن الكذب في الشريعة الإسلامية لا يجوز إلا في حالات محدودة وضرورية، مثل الإصلاح بين المتخاصمين، أو التودد بين الزوجين، أو إرضاء الأم دون إلحاق ضرر بأحد.
وبهذا، يجب أن يكون الهدف من هذه التصرفات تحقيق المصلحة الكبرى.
كيفية التكفير عن الغيبة والنميمة
وفي سياق آخر مرتبط بالكذب والذنوب المتعلقة باللسان، ورد سؤال إلى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، من شخص قال: "كيف أكفر عن الكذب والغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس كي أقابل الله نظيفاً؟".
أجاب الدكتور علي جمعة موضحاً أن الذنوب المتعلقة باللسان مثل الكذب والنميمة والغيبة يمكن التكفير عنها بالاستغفار والدعاء الصادق للأشخاص الذين وقع عليهم هذا الظلم.
وأشار إلى ضرورة أن يدعو الشخص لهؤلاء قائلاً: "اللهم اغفر له، اللهم عافه، اللهم ارزقه، اللهم سامحني"، مؤكداً أن هذه الطريقة هي سبيل التوبة الصادقة.
وفيما يتعلق بإخفاء الصدقة، أجاب الشيخ عبد الحميد الأطرش رحمه الله، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، عن سؤال ورد إليه حول حكم الكذب لإخفاء التصدق بمبلغ صغير. ذكر السائل أنه أخبر جامع الأموال في المسجد بأنه عثر على المبلغ، وطلب منه وضعه في مصاريف المسجد إذا لم يظهر صاحب المال.
رد الشيخ الأطرش قائلاً: "الكذب في جميع صوره حرام، ولا يجوز إلا في ثلاث حالات استثنائية، وهي إنقاذ نفس بريئة من القتل، تضليل العدو، أو الحفاظ على استمرار الحياة الزوجية".
وأضاف أن ما قام به السائل يعد كذبة محسوبة عليه، ولكنه يمكنه التوبة والاستغفار، وأن صدقته ستُقبل بإذن الله إذا كانت النية خالصة لوجه الله، مؤكداً أنه ليس بالضرورة أن تكون الصدقة بمبالغ كبيرة، مشيراً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
في ختام هذه الأسئلة، يتضح أن الشريعة الإسلامية تدعو دائماً إلى الصدق والشفافية، مع مراعاة الظروف الخاصة التي قد تستدعي استخدام الحكمة في التعامل مع الناس دون الوقوع في محظورات شرعية.