تشكل القضية الفلسطينية جزءا أساسيا من السياسة الخارجية لجمهورية مصر العربية منذ عقود، وهي واحدة من القضايا المركزية في العالم العربي والإسلامي، وكانت مصر في طليعة الدول التي دعمت حقوق الشعب الفلسطيني، سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري أو الإنساني، إيمانا منها بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الدور المصرى متراكم فى القضية الفلسطينية ليس مجرد الأحداث فى غزة واننا نتدخل فى المواجهات التى تحدث، إنما هو دور متراكم مرتبط باعتبار القضية الفلسطينية والملف الفلسطينى أحد ركائز الأمن القومى المصرى، وجزء منه مرتبط بأولويات أمنية وسياسية وتاريخية بالنسبة لدعم الأشقاء الفلسطينيين.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الدولة المصرية تعتبر القضية الفلسطينية منذ حدوثها إلى اليوم مسئولية مصرية، ونحن ننظر لها سياسيا وأكاديميا أنها أحد ركائز فى مجالات السياسة الخارجية المصرية وقضية أمن قومى، لاعتبارات عديدة.
وأشار فهمي، إلى أنه منذ إندلاع الأحداث فى غزة وكان تحرك مصر متعدد الاتجاهات، أخذ مسارات متعددة ما بين المسار الدبلوماسى والسياسى والأمنى والإستخباراتى، والبحث عن إيجاد حلول مباشرة مع الشركاء سواء فى الإقليم وخارجه، مؤكدا أن التحرك المصرى هو الأشمل فى نطاق ما يجرى.
ومن جانبه، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إدانة مصر بشكل قاطع، حملة القتل الممنهج، التى تمارس بحق المدنيين فى قطاع غزة، قائلا: "باسم مصر، أعلنها صراحة: إننا سنقف ضد جميع المخططات، التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر تهجير السكان المحليين المدنيين، أو نقلهم قسريا، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة، وهو أمر لن نقبل به تحت أى ظرف من الظروف".
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة في الرياض، الشكر والتقدير، للمملكة العربية السعودية الشقيقة، على استضافة هذه القمة غير العادية، فى ظل ظرف إقليمى شديد التعقيد، وعدوان مستمر لأكثر من عام، على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وسط صمت مخجل وعجز فادح من المجتمع الدولى، عن القيام بالحد الأدنى من واجباته، فى مواجهة هذا التهديد الخطير، للسلم والأمن الدوليين.
وتابع السيسي: "المواطنون فى دولنا العربية والإسلامية، بل وجميع أصحاب الضمائر الحرة عبر العالم، يسألون؛ ولهم كل الحق، عن جدوى أى حديث عن العدالة والإنصاف، فى ظل ما يشاهدونه من إراقة يومية لدماء الأطفال والنساء والشيوخ".
الالتزام الكامل قواعد القانون الدولي
واختتم السيسي كلمته، قائلا: "ليس فقط للشعوب العربية والإسلامية، وإنما لزعماء وشعوب العالم أجمع، أقول: إن مصر، التى تحملت مسئولية إطلاق مسار السلام فى المنطقة منذ عقود، وحافظت عليه رغم التحديات العديدة، ما زالت متمسكة بالسلام، كخيار استراتيجى، ووحيد لمنطقتنا وهو السلام القائم على العدل، واستعادة الحقوق المشروعة، والالتزام الكامل قواعد القانون الدولي ورغم قسوة المشهد الحالى، فإننا متمسكون بالأمل، وواثقون من أن الفرصة مازالت ممكنة، لإنقاذ منطقتنا والعالم من ممارسات عصور الظلام، والانتقال لبناء مستقبل، تستحقه الأجيال القادمة، عنوانه الحرية والكرامة والاستقرار والرخاء".
وجدير بالذكر، أن الاهتمام المصري يواصل بالقضية الفلسطينية منذ منتصف القرن العشرين، حيث لعبت مصر دورا بارزا في الحروب العربية الإسرائيلية، وكانت صاحبة المبادرات الهامة للسلام، مثل اتفاقيات كامب ديفيد 1978، التي أسفرت عن توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، ورغم توقيع هذه المعاهدة، إلا أن مصر ظلت ملتزمة بقوة بالقضية الفلسطينية، واعتبرت أن السلام الدائم لا يتحقق إلا بحل عادل وشامل يرتكز على قيام دولة فلسطينية.
وعلى مر السنين، قدمت مصر دعما كبيرا للجانب الفلسطيني في المحافل الدولية، ودعمت حقوق الفلسطينيين في الأمم المتحدة ومنظمات العالم المختلفة، كما استضافت القاهرة العديد من المفاوضات واللقاءات بين الفصائل الفلسطينية، حيث سعت إلى توحيد الصف الفلسطيني وتقديم التسهيلات للتوصل إلى حلول سياسية تنهي الانقسام الداخلي الفلسطيني وتدفع نحو تسوية شاملة مع إسرائيل.