في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، باتت ريادة الأعمال أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي في العديد من الدول، وتسعى مصر إلى تعزيز قطاع ريادة الأعمال من خلال مبادرات حكومية تهدف إلى توفير بيئة تشريعية وتنظيمية محفزة لهذا القطاع الواعد، ومن أبرز هذه المبادرات تشكيل مجموعة وزارية متخصصة لريادة الأعمال، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
ريادة الأعمال
وتسعى المجموعة إلى دعم الشركات الناشئة، وتوفير التسهيلات اللازمة لجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة، وتبذل الحكومة المصرية جهود كبيرة في تعزيز ريادة الأعمال من خلال استراتيجيات وقرارات تهدف إلى تحفيز الابتكار ودعم الشركات الناشئة، والوقوف على التحديات والفرص التي يواجهها هذا القطاع الحيوي.
من جانبه، قال الدكتور محي عبد السلام، الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، إن ريادة الأعمال من أبرز المجالات التي تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم في مصر، ويُنظر إليها ليس فقط كإطلاق لمشروعات جديدة، بل كإستراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين البيئة الاقتصادية وخلق فرص عمل مستدامة، وترتكز على فهم كيفية تصميم وإدارة المشروعات بشكل مبتكر، بهدف تحسين الإنتاجية الوطنية وزيادة التنافسية، وتشمل كل من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وكلها تساهم في تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية متنوعة.
وأضاف عبد السلام لـ “صدى البلد”، أنه من خلال استثمار الحكومة المصرية في هذا القطاع، شهدت ريادة الأعمال في السنوات الأخيرة نمواً ملحوظاً، حيث تضاعف حجم الاستثمارات الحكومية الموجهة لهذا القطاع من 500 مليون دولار إلى 5 مليارات دولار، هذه الاستثمارات تهدف إلى تحسين الإنتاجية، تقليل الضغط على الاستيراد، وزيادة الصادرات المحلية، وتسهم ريادة الأعمال في تنويع الاقتصاد المصري، وتفتح الأفق للتوسع في أسواق جديدة عبر الابتكار في مجالات متعددة، مع التركيز على تحقيق تكامل بين القطاعين العام والخاص.
أكد أن الحكومة تسعى إلى أن تكون ريادة الأعمال جزءاً أساسياً في مواجهة البطالة عبر خلق فرص عمل جديدة، وخاصة بين الشباب من خلال التركيز على تدريب العاملين وتطوير مهاراتهم، يتم تعزيز القدرة على التفاعل مع التحولات الاقتصادية العالمية، كما توفر فرصاً للعمل داخل الشركات الناشئة، مما يسهم في زيادة الوعي بأهمية الاستثمار البشري داخل المنظمات، ويشجع على تدريب الكوادر البشرية بشكل مستمر لتمكينهم من التعامل مع متغيرات السوق.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن دور ريادة الأعمال التفكير خارج الصندوق في حلول التمويل والهندسة المالية، وهو ما يُعتبر من أبرز العناصر التي تدعم الاستدامة الاقتصادية من خلال توظيف استراتيجيات مبتكرة، يستطيع رواد الأعمال خلق حلول تمويلية غير تقليدية تساهم في تسريع نمو المشاريع، مشيرا أن التركيز على تحقيق أعلى معدلات عائد على الاستثمار في أقل فترة زمنية، وتحسين معدل دوران رأس المال، يُعد من الأسس التي تساهم في بناء اقتصاد متنوع وقوي، قادر على مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة على المدى البعيد.
الاستدامة الاقتصادية
وأكد رئيس الوزراء على أهمية المجموعة الوزارية في تعزيز بيئة ريادة الأعمال بما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتوفير فرص عمل لائقة للشباب المصري، مشيرا إلى أن مصر لديها القدرة على التميز في هذا القطاع، لما تملكه من كوادر متميزة قادرة على دفع هذا المجال للأمام.
أوضح الدكتور مدبولي أن قطاع ريادة الأعمال في مصر أصبح واعدًا، مشيرًا إلى النجاح الذي حققته بعض الشركات الناشئة التي استطاعت جذب استثمارات كبيرة، وتوفير آلاف فرص العمل، مؤكدا على أن هذا القطاع يحتاج إلى تحسين بعض الإجراءات التنظيمية والتمويلية ليتمكن من جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، مع إمكانية مضاعفة تلك الاستثمارات إذا تم توفير التيسيرات اللازمة.
من جانبها، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أبرز مخرجات عمل المجموعة الوزارية حتى الآن. تحدثت عن تشكيل الأمانة الفنية للمجموعة، وتأسيس مجموعات عمل متخصصة في صياغة السياسات التشريعية، تنسيق المبادرات الحكومية، ربط الشركات الناشئة بالأسواق العالمية، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات، مشيرا إلى اللقاءات التي تم تنظيمها مع ممثلي مجتمع ريادة الأعمال، والتي تناولت التحديات المتعلقة بالتشريعات، التمويل، وهجرة العقول، وكذلك ضرورة دعم الابتكار والتكنولوجيا لتوفير بيئة مناسبة لنمو الشركات الناشئة.
وجرى عرض عدد من التوصيات التي سيتم تبنيها في الميثاق المقترح لدعم الشركات الناشئة، مثل تنسيق الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، وتفعيل التشريعات الخاصة بالقطاع، والعمل على سد الفجوة المعلوماتية، وتسهيل التعاملات الحكومية لرواد الأعمال، مع ضرورة تنمية قطاع ريادة الأعمال على المدى الطويل، والتركيز على زيادة عدد الشركات الكبرى التي تسهم في نمو الاقتصاد المصري.