أجاب الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين فرع أسيوط، عن سؤال ورد اليه وذلك عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، مضمونة:" ما المراد بالهدى فى قوله تعالى فى سورة البقرة ( ﻗﻞ ﺇﻥ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ اﻟﻬﺪﻯ )ﻭﻓﻰ ﺁﻝ ﻋﻤﺮاﻥ: ( ﺇﻥ اﻟﻬﺪﻯ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ) ؟ .
ليرد موضحًا: أن المحققون أجابوا من أهل العلم بما يلي: اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ: ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ، ﻷﻥ اﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻴﻪ، ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ ﺁﻝ ﻋﻤﺮاﻥ: اﻟﺪﻳﻦ ﻟﺘﻘﺪﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ (ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ ) ، ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ: ﺃﻥ ﺩﻳﻦ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ .
وقال الكرماني عند آية أل عمران 62 - ﻗﻮﻟﻪ {ﻗﻞ ﺇﻥ الهدى ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ} ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻭﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ {ﻗﻞ ﺇﻥ ﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ الهدى} ﻷﻥ اﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻫﻮ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ {ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ} ﻭﻫﺪﻯ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻗﻮﻟﻬﻢ {ﻭﻻ ﺗﺆﻣﻨﻮا ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﺩﻳﻨﻜﻢ}، ﻗﻞ ﺇﻥ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ اﻹﺳﻼﻡ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ اﻟﺴﻮﺭﺓ ﻭاﻟﺬﻱ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺮﺓ ﻣﻌﻨﺎﻩ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻷﻥ اﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻗﻞ ﺇﻥ ﻗﺒﻠﺔ اﻟﻠﻪ ﻫﻲ اﻟﻜﻌﺒﺔ.
قل إن هدى الله هو الهدى
فيما جاء في تفسير ابن كثير، قول ابن جرير : يعني بقوله جل ثناؤه : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. وقوله تعالى : (قل إن هدى الله هو الهدى ) أي : قل يا محمد : إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى، يعني : هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل.
قال قتادة في قوله : (قل إن هدى الله هو الهدى) قال: خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يخاصمون بها أهل الضلالة. قال قتادة : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله " . قلت : هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو .
(ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ) فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته .
[وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: ( حتى تتبع ملتهم) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى : ( لكم دينكم ولي دين) [ الكافرون : 6 ] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا ; لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه. وقال في الرواية الأخرى كقول مالك : إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، كما جاء في الحديث .