في خطوة جديدة نحو تحسين إدارة الدين الخارجي وتخفيف الضغوط الاقتصادية، قررت الحكومة تشكيل لجنة متخصصة لإدارة وتنظيم الاقتراض الخارجي ووضع ضوابط وشروط جديدة له. ويهدف هذا القرار إلى تعزيز التزام الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي وسد فجوة الدين الخارجي.
سد فجوة الدين الخارجي
وأقر مجلس الوزراء، أمس الأربعاء 30 أكتوبر 2024، مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن إعادة تشكيل لجنة لإدارة ملف الدين الخارجي وتنظيم الاقتراض من الخارج. وستترأس اللجنة رئيس مجلس الوزراء، وتضم في عضويتها محافظ البنك المركزي ووزراء التخطيط (كمقررة للجنة)، والمالية، والاستثمار، بالإضافة إلى ممثلين عن جهاز المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية.
وتهدف اللجنة إلى وضع سقف سنوي للاقتراض الخارجي، على أن يتم تجاوزه فقط في حالات الضرورة القصوى وبموافقة مسبقة من مجلس الوزراء. ويشترط القرار على الوزارات والهيئات الراغبة في تمويل مشاريعها إخطار وزارة التخطيط، التي بدورها تقوم بتصنيف أولويات المشاريع وتحديث هذا التصنيف بشكل دوري قبل عرضه على اللجنة.
وقبل إتمام أي عقود قروض خارجية، يتعين الحصول على موافقة اللجنة، كخطوة ضرورية قبل عرض المشروع على مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية. ويشترط القرار أيضًا ترتيب أولويات المشاريع لضمان التركيز على المبادرات الأكثر تأثيرًا.
ويتضمن القرار قيدًا إضافيًا يحظر التعاقد مع شركات أجنبية أو محلية لتنفيذ المشاريع التي تتطلب مكونًا أجنبيًا، إلا بعد موافقة اللجنة، مع ضرورة توفر دراسة جدوى تنموية واضحة تبرز قدرة الجهة على سداد القرض. ويشترط القرار أن يقتصر الاقتراض الخارجي على تمويل المكونات الأجنبية للمشاريع، إلا في الحالات الضرورية ووفق موافقة اللجنة.
واختلفت التعليقات بين الخبراء عن أهمية هذا القرار، فقال البعض إنه كان من الأفضل تشكيل لجنة فنية تضم خبراء مستقلين ومتخصصين لدراسة ملف الدين بشكل مستقل وتقديم تقاريرها للحكومة، بينما أوضح أخرون أن اللجنة من المتوقع أن تعمل جنبًا إلى جنب مع وحدة إدارة الدين بوزارة المالية، بما يسهم في تكامل الجهود التنظيمية وتعزيز إدارة الدين بشكل عام.
لجنة متخصصة لإدارة وتنظيم الاقتراض الخارجي
من جانبه، وصف المحلل الاقتصادي إسلام الأمين هذا القرار بأنه "إيجابي وهام"، مشيرًا إلى أنه يعكس اهتمام الدولة الجاد بملف الدين الخارجي والسعي لتخفيف الضغوط المالية على الاقتصاد الوطني.
وأضاف الأمين في تصريحاته لـ "صدى البلد" أن هذه الخطوة تؤكد على التزام الحكومة بتحقيق التوازن الاقتصادي وتقليص الأعباء المالية.
وأوضح الأمين أن محفظة الدين الخارجي للدولة شهدت مؤخرًا انخفاضًا بقيمة 15 مليار دولار، ويعود جزء كبير منه إلى سداد ودائع للجانب الإماراتي في إطار مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة، حيث بلغت هذه الودائع حوالي 11 مليار دولار. ونتيجة لهذا التراجع، انخفضت تكلفة خدمة الدين بشكل ملحوظ، مما يخفف من الأعباء المالية على الدولة.
وأشار الأمين إلى أن تراجع الدين الخارجي يظهر قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات وتجاوز التحديات. وأكد أن اللجنة الجديدة لإدارة الدين الخارجي ستضع على رأس أولوياتها تخفيف أعباء الدين، مع توسيع مدة السداد لتقليل الضغوط المالية.
ويأتي قرار الحكومة بتشكيل لجنة متخصصة لإدارة وتنظيم الاقتراض الخارجي كخطوة استراتيجية لتعزيز استقرار الاقتصاد المصري، وإدارة الديون بشكل أكثر فعالية.